القدس والرعاية والسيادة!
في المرحلة الأولى من مراحل التفاوض مع الإسرائيليين، وهي إنهاء حالة الحرب، والانتقال إلى ما يسمونه Non-belligerecy وهي نصّاً عدم الاعتداء. لاحظنا – وكنا شهوداً عن قرب – اصرار جلالة الراحل سيدنا الملك حسين، على أن يكون للأردن دور في مستقبل القدس وكان موضوع المدينة المقدسة قد أُفلت من اتفاقية كامب ديفيد.. والجزء الخاص باتفاقية الاطار، لأن السادات كان معنياً بفتح قناة السويس، والعودة إلى سيناء، وأفلتت من مفاوضات أوسلو، لأن همّ منظمة التحرير كان الاعتراف بها ممثلاً كاملاً للشعب الفلسطيني في مفاوضات السلام النهائية!!.
اصرار جلالة الراحل الكبير على أن يكون للأردن دور في القدس، كان أساسياً ومنذ البداية، فقد وافق رابين وبيريز على «رعاية الأردن للأماكن المقدسة في القدس».. وهي الرعاية التي استثناها الحسين الراحل من قرار فك الارتباط، فقد بقيت هذه الرعاية قائمة، وتشمل أوقاف القدس، وقضاءها الشرعي.. وكان الاعمار الهاشمي مستمراً كما أراده شهيد العرب الحيّ، ونزيل الأقصى الحسين بن علي.
لم يتحدث الحسين في تفاوضه مع الاحتلال على «السيادة» لأن السيادة هي لشعب فلسطين فقط.. والقدس عاصمة فلسطين وعاصمة العرب والمسلمين. وحين وقّع عبدالله الثاني ومحمود عباس اتفاقية الشراكة الروحية على المدينة المقدسة أول أمس، ادركنا أن الابن هو سرّ أبيه فنحن أمام مرحلة تفاوض فلسطينية – إسرائيلية، وأمام رحلة الملك إلى واشنطن. وإذا كنّا نريد للمدينة المقدسة أن تكون عاصمة السلام، فإنّ حق الفلسطينيين في قدسهم ستبقى ثابتة، وأن الرعاية الهاشمية هي الحقيقة الوحيدة في هذا الخضم من التفاوض الذي لا ينتهي!!.
لم تكن القدس في السياسة الأردنية موضوعاً عاطفياً، أو ورقة مساومة. فعام 1948 وجد الملك المؤسس أن القدس مهددة بعد الانسحاب المشين لجيش الانتداب البريطاني، وكان الوضع حرجاً في القدس الجديدة كما في القدس القديمة وأمر جلالته رحمه الله من فوق موقف قائد الجيش، بدخول قواته إلى القدس.. فكان ذلك، وبقي الرجال على أسوار المدينة الوفية إلى آخر يوم في الهدنة الثانية.. حيث لم يبق ذخائر للمدفعية، وذخائر للبنادق!!.
رعاية الأماكن المقدسة في القدس، ستبقى همّاً أردنيّاً إلى أن يستعيد الفلسطينيون عاصمة دولتهم. وينشروا سيادتهم على الأقصى.