شهيد الأردن شهيد فلسطين
غير مستغرب على الاطلاق أنْ يُقام مجلس عزاء، في بلدة سيلة الحارثية في محافظة جنين، للشهيد البطل راشد حسين الزيود وغير مستغرب أن تنعي فلسطين كلها هذا الشهيد شهيد الأمة العربية كلها وشهيد الانسانية بأسرها طالما انه ضحّى بعمر الورود في المواجهة مع «قرامطة» و»حشاشي» هذا العصر الذين بأفعالهم البربرية تقصدّوا تشويه ديننا الحنيف السمح المتسامح، الذي حرّم قتل النفس التي حرّم الله الا بالحق.
ان المعروف ان «المصائب» هي التي تظهر حقائق الشعوب وحقيقة ان الشعب الأردني قد حوّل استشهاد بطل من ابطال الجيش العربي إلى مناسبة وطنية وقومية شارك فيها اهلنا في فلسطين واشقاؤنا في العديد من الدول العربية وهذا ما يجب ان يعتز به الأردنيون كلهم الذين خاض جيشهم، الذي ينتمي إليه شهيدنا البطل وينتمي إليه والده، معارك الأمة العربية كلها وفي مقدمتها معارك حيفا وباب الواد وأسوار القدس والسموع وعرّابة وجنين وقلقيلية والكرامة التي اختلطت فيها دماء ابناء الشعب الواحد، الذي سيبقى واحداً موحداً والدليل هو انصهارهم في هذه المناسبة الوطنية والقومية الجليلة.
لا اعرف ما اذا كان حسين باشا الزيود، والد شهيد الأردنيين والفلسطينيين والعرب كلهم، من مواليد فلسطين لكنّ ما اعرفه هو ان جيلاً كاملاً لا بل اجيالاً من الأردنيين لهم الفخر والاعتزاز انهم مواليد القرى والمدن الفلسطينية قبل عام النكبة في عام 1948 وبعد ذلك فالجنود الأردنيون ابناء الجيش العربي كانوا قد رابطوا في هذا الوطن الحبيب والعزيز وامتزجت دماؤهم الزكية بترابه الطهور، ولهذا فانه غير مستغرب ان تقيم سيلة الحارثية مجلس عزاء لشهيدنا البطل، فالأرض واحدة والشعب واحد والماضي واحد وكذلك الحاضر والمستقبل.
كانت الجزائر بعد نيل استقلالها واستعادة سيادتها الوطنية قد نصّت في «دستورها» على ان كل من انتمى إلى الثورة الجزائرية ثورة المليون ونصف المليون شهيد هو جزائري، ولذلك وعلى هذا الأساس، فأن المؤكد ان معظم الشرق أردنيين «فلسطينيون» لان نهر الأردن لم يكن يشكل فاصلاً بين وطن واحد وشعب واحد ولان بواسل الجيش العربي من غربي النهر وشرقه بقوا يُرابطون في فلسطين سنوات طويلة واستشهد بعضهم هناك ودُفن هناك في ذلك الثرى الطهور.
ويقينا، وأنا متأكد من هذا وأعرفه، أن شهيدنا راشد حسين الزيود يرتبط بفلسطين بعلاقة دماء الشهداء المقدسة وان ثرى هذا الوطن الطاهر قد تخضب بدماء العديد من ابناء عائلته وعشيرته وقبيلته وابناء العائلات والعشائر والقبائل الأردنية كلها ولذلك فإنه واجب وطني ان يكون «الإحتفال» هناك بهذه المناسبة كما هو هنا وعلى مستوى الشعب والقيادة.. وعلى كل مستوى.
لقد حزن الأردنيون كلهم على استشهاد احد ابطال الجيش العربي وهو لا يزال في عمر الورود لكن ما شكل مواساة لهم هو انه أُستشهد في معركة شرفٍ دافع فيها مثله مثل زملائه الابطال عن هذا الوطن الحبيب وعن فلسطين وعن الوطن العربي.. إن راشد حسين الزيود هو شهيد الأردن وهو شهيد القدس وفلسطين وشهيد الأمة العربية كلها.. لك الرحمة أيها الحبيب الغالي ولوالدتك ووالدك وشقيقاتك وأشقائك من بعدك الصبر والسلوان.