د. يوسف العجلوني يكتب.. خايف ومش خايف إذا حد فهم من المقال شي يحكي أنا مش عارف
كتب. د. يوسف العجلوني
خايف ومش خايف، تعودنا والحياة دوارة، الحلول متنوعة وممكن أن لا تكون سهلة، كله عادات وتقاليد، والتطبيق يكون حسب المصلحة، أو لعمل فتنة، غباء وحمق ونذالة وخنوع وانبطاح، العمر على كف عفريت، سيل جارف، بيتي الجميل وطني، ووطني ليس بيتي، وطني يبقى العزيز العظيم بحلاوة ومرارة أيامه، لا أستطيع الهروب، التغير مخرج ولكن ممكن هنالك صعوبة في الرجوع، عقلي وقلبي في حيرة، والحياة قصيرة وخيط دخان.
الحديث عن الأحداث صعب في أغلب الأحوال، مع أن التعبير عنها ممكن يجيب نتيجة ويحل عدة إشكاليات، من الضروري أن تمنح نفسك بعض الوقت لفهم طبيعة شعورك، ومراجعة نفسك، حتى لو كان عندك شعور بعدم الأمان أو الرضا أو الزعل أو الشك، أو بأنك فجأة لم تعد تطيق سماع أي كلام ولا ترغب بالحديث، يجب أن تتمرن على معرفة ومراجعة الذات والشعور ودوافع سلوكك، ذلك سوف يسهل عليك التواصل، ويكوّن عندك فرصة للتعلم مما حدث، واتخاذ العبر وتطوير نفسك، ودائماً انظر إلى مشاعرك بحيادية.
ممكن أن تعبّر عن مشاعرك بالحزن والغضب والفرح؛ عندما يزعجك موقف، وحينما تشعر بالضيق من سلوك الآخرين، وحينما تكون بسعادة ورضا، ضروري أن نعبّر متكررا عن مدى امتناننا وتقديرنا لمن نحب، وأن نشعرهم بقيمتهم وأننا نحبهم على طبيعتهم. ابقَ صريحاً دون تجريح أو تغابي، ولا تبني حياتك على شيء لا تشعر به برغبتك بل غصباً عنك، ومن يحبك فعلاً سيتفهم ويبقى معك.
التواصل الجيد يعني أيضاً الإصغاء الجيد. لا تستعجل الأخبار، الكثير من التعب يحصل من الجدال، اقلب الصفحة، لم يبقَ لنا صبر لنقاش التفاصيل التي لا تنتهي مع أناس يمتهنون المناكفة، ذلك ممكن أن يزيد المشكلة سوءاً مع مرور الأيام، لا أحد معصوم من الخطأ، فتعلّم من أخطائك.
المستقبل قادم بكل ما فيه من احداث، بعض الناس يرونه شيئاً مجهولاً ويقفون مجمدين بانتظار ما يحمله من خير وشر، وآخرون يعيشون يومهم بتفاؤل، ويسعون إلى مستقبل أفضل، ويتقبلون كل ما فيه، ولا يفكرون بالفشل، ويكملون المشوار دون استسلام مهما كانت الصعوبة والعسر، يجب أن لا نخاف المستقبل، حتى لو كنا نحمل بداخلنا مخاوفاً مبنية على تجارب سابقة مؤلمة، أو خوف على العائلة، أو خوف من الوحدة، ولا شك أن كل إنسان سوف يمر بظروف سيئة، ولحظات من الضياع والحيرة، لحظات تكون مربكة وعصيبة بكل المعاني، قد لا تجد فيها ضالتك، وتصبح الحياة بلا معنى وبلا هدف، وتصبح النظرة مشوهة عن النفس، وتعيق رؤية القدرات وتقبل الواقع، تجعلك يائساً من كل شيء، وترفض فكرة أنه لا زال هنالك حياة، وتنسى أن عندك الكثير، ولكنك تعاني الكثير داخلياً، والخوف مما هو قادم.
حياتنا مزيج من البناء والهدم، والفوضى والنظام، والاستفزاز والهدوء، والقوة والضعف، والعزة والذل، والخوف وعدمه، والطعم المر والحلو، لذلك يجب أن لا ننزعج من الطعم المر ما دام الحلو سيأتي، ولا داعي للهروب، المواجهة والقرار والتجاوز المنطقي هي أحسن الحلول.
القلق قد يكون إستراتيجية مهمة للتعامل مع الواقع، فقد تثمر مخاوفنا وتساؤلاتنا، في نفس الوقت هو طريقنا إلى إصلاح الخلل وتعديل المسار، وكمية محددة من القلق والخوف تفيد للأمان والسلامة، وتمنع الانحدار والتدهور، وتبقيك على مسافة قريبة من الطريق الرئيس للرجوع إلى الاستقرار.
الحياة الحديثة أصبحت سريعة وكثيرة التغير والتقلّب، اجتياح التقنية والسوشيال ميديا لعالمنا، وعدم الثبات، وعدم الثقة، وكل شيء معرض للنقد والتشكيك، فلقد تضعضعت الأسس والعوامل التي كانت تعصم الإنسان من الشعور بالضياع والحيرة، حتى صار الإنسان من داخله تحت التهديد والحصار، وأصبح القلق مستمراً واستجابة متوقعة لعدم القدرة على مواكبة هذا النمط من الحياة.
القدرة على التعايش مع المشاعر السلبية من أهم علامات النضج النفسي، ويعتمد على الظرف المسبب لذلك، كفقدان شخص عزيز أو حادث أو خسارة مالية كبيرة، وممكن أن تتشابك الظروف. الكثيرون لا يستطيعون تحمل المشاعر السلبية، وممكن أن يلجأون إلى طرق تأقلم سلبية، وإلى مهرب يخفف منها، وقد يكون هذا المهرب هو الطريق الأسهل وليس الأفضل. وممارسة سلوكات غير صحية ومدمّرة.
يجب أن تحدد ما تريده من حياتك وفقاً للقيم التي تؤمن بها، وتذكّر أن معظم المشاعر مؤقتة غالباً في حدتها، وأحياناُ حتى بمحتواها وطبيعتها. واعلم أن المشاعر السلبية إذا اشتدت فهي على الأغلب عابرة، وإذا استمرت فستصبح غالباً أقل شدة، وهي تجربة إنسانية لا مناص من خوضها.
في لحظات الضياع والحيرة، حافظ على المساحات التي تحت سيطرتك وتحكّمك، فذلك سوف يشعرك بشيء من الطمأنينة والاتزان، ويجب وضع الأمور في سياقها، وتعلُّم مهارات التخطيط وإدارة الوقت، الأمر الذي سيجعلك تتخلص من التوتر والقلق.
دائماُ يجب أن يكون لديك أكثر من خطة، أحدها لِمَا يجب أن تفعله يومياً، وأخرى طويلة الأمد، والأخيرة هي خطة عامة وأكثر مرونة لما ترغب بتحقيقه على أمد أبعد في السنوات القادمة، ولا تخف من التغير في نظام حياتك، لأن في ذلك إمكانية كبيرة في جودة الحياة واتساع للساحات والأفق، وفيه اكتساب عادات جيّدة وتخلّص من كثير من العادات السيئة، وتجارب تعطيك الفرص لنجاح أكبر كل مرة.
التناقضات التي نعيشها هي طبيعة إنسانية مهما حاول البعض إخفائها، ومن السهل أن ترى التناقض في غيرك، في حين يصعب عليك رؤيته في نفسك، وكلنا بوعي أو بدون وعي نعيش مع ذاتنا المتناقضة بسلام وأحياناً أخرى بألم ومعاناة، ويظهر ذلك في الأصول والمعتقدات والأسس والأخلاق والفكر والقبول والمحبة والرضا، وأهمية الأمر بالنسبة لك، اعلم أنك لن تخف عندما تكون لا تعرف، المعرفة تزيد من قلقك وهي نعمة لغيرك، وعدم المعرفة والغباء نعمة للشخص نفسه.
