من موقع «الثقة» والمحبة !
من حق «الإخوان» السوريين، وهم يستحقون هذا، أنْ يكونوا جزءاً من حاضر سوريا، أي مرحلة الكفاح والنضال والثورة، وأن يكونوا أيضاً جزءاً من مستقبلها الواعد بإذن الله ومشيئة الشعب السوري الذي قدم تضحيات لم يقدمها أيُّ شعب من شعوب المنطقة باستثناء الشعب الفلسطيني ولم تُعْطها أيٌّ من ثورات الربيع العربي فهم ، أي «الإخوان»، أصحاب مسيرة عطاءات وشهداء لا يستطيع أيٌّ كان إنكارها وهم واجهوا الكثير من «عقوق» إخوانهم في «الجماعة» الإسلامية وبخاصة «إخوان» الأردن على وجه التحديد.
لا يحق لأيٍّ كان أن يعترض على أيِّ دور لهؤلاء «الإخوان» الأعزاء في حاضر ومستقبل بلدهم لكنه واجب على كل المساندين للثورة السورية الباسلة والعظيمة وكل الذين يعتبرون أنَّ أقل ما يمكن أن يقدموه لهذه الثورة وكل قواها، الإسلامية والقومية واليسارية والعلمانية والليبرالية، هو الكلمة الصادقة والنصيحة الخالصة لوجه الله أن يعترضوا على مسرحية اختيار غسان هيتو ليس بالنسبة لشخصه الذي له كل التقدير والإحترام ولا بالنسبة للقومية الكردية التي ينتمي إليها لكن لطريقة الإختيار وللأسلوب الذي أتُّبع في هذا الإختيار والمناورات التنظيمية الضيقة الأفق التي رافقته.
هناك قوى وتنظيمات وجماعات ومجموعات بعدد شعر رأس إنسان غير مصاب بالصلع قد نبتت مع أول فرصة لاحت بعد انبثاق هذه الثورة العظيمة بعد انطلاق تلك الشرارة الحورانية المباركة في مارس (آذار) عام 2011 وهذا شيء طبيعي بل وإيجابيّ بعد نحو ستين عاماً من القهر وكم الأفواه وفرض صيغة الحزب الواحد الأوحد على الشعب السوري الذي هو صاحب تجربة تعددية جرى اغتيالها بالإنقلابات العسكرية وللأسف والذي قدم كل هذه التضحيات والدماء والعذابات من أجل الإرتقاء ببلده من مستنقع الفردية والديكتاتورية البغيضة إلى مستوى الدول الديموقراطية والحريات العامة والمساواة.
وهذا يعني أنه على «الإخوان المسلمين» السوريين ، الذين لا يستطيع أيٌّ كان أن ينكر ما قدموه لبلدهم وشعبهم من دماء غالية، ألاّ يكرروا هذا الخطأ الجسيم الذي أرتكبوه والذي في الحقيقة بقوا يرتكبونه منذ البدايات ومنذ انطلاقة هذه الثورة وهو فرض «أجنداتهم» على شركائهم في هذه المسيرة مُستعينين بتحالفاتهم العربية وببعض الدول التي مدَّت إليهم يد المساعدة والإسناد لها كل التقدير وكل الشكر رغم أنها اتبعت أسلوب الاستقطاب وتغليب جهة معينة على كل قوى وتنظيمات المعارضة السورية مما زرع بذور الخلاف في المستقبل السوري الواعد منذ الآن.
لقد كان على «الإخوان المسليمن» السوريين ألاَّ يفعلوا ما فعلوه وقد كان عليهم أنْ يكونوا الأكثر حرصاً على إرساء علاقات الثقة والمحبَّة والتكامل والإحترام بين كل المشاركين في هذه المسيرة، الصغار والكبار، ولقد كان عليهم أيضاً أنْ يتحاشوا أيِّ محاولة لإقصاء غيرهم وأن يضعوا أنفسهم في الواجهة منذ الآن ومن خلال المناورات والألاعيب السياسية التي اتبعتها كل أحزاب الإنقلابات العسكرية التي استفردت بالحكم وأوصلت سوريا وغيرها إلى ماوصلت إليه من أوضاع مأساوية هي التي أدت إلى هذه الإنتفاضة التي يجب الإبتعاد بها عن أنْ تتخلص من نظام استبدادي لتحل محله نظاماً أكثر استبدادية منه ووفقاً لصيغة الحزب القائد في المجتمع وفي الدولة.
لقد كانت مسرحية اختيار رئيس الحكومة المؤقتة مثالاً سيئاً للشعب السوري ولكل قوى وتنظيمات المعارضة السورية الفعلية والشكلية ولعل ما يجب أن يسترعي انتباه الإخوان المسلمين ، الذين ما كان عليهم أن يرتكبوا هذه الخطيئة حتى وإنْ كانت بعض مصادر الدعم العربي قد ضغطت عليهم من هذا الإتجاه، هو أن الموقف الرافض لهذه المسرحية الذي اتخذه الجيش الحر هو بمثابة جرس إنذار مبكر وعلى أساس أن القرار بالنسبة للثورات المسلحة هو للذين في الميدان وللذين يقاتلون على الأرض وأكبر شاهد على هذا هو الثورة الجزائرية العظيمة التي كانت إحدى منارات القرن العشرين..وهذه نصيحة من داعم ومساند ومحبٍّ ومن موقع الثقة والتقدير وبلا جمل ولا ناقة.