حضر العرب وغابت فلسطين
القادة العرب يستعملون ذات التكتيك الباهت إزاء قضية فلسطين،ومن قمة عربية الى اخرى،تنال فلسطين عدة سطور في التوصيات النهائية،ولا يتم تنفيذ اي سطر منها،امام الواقع الصعب في فلسطين.
تناولت القمة العربية عدة عناوين تتعلق بفلسطين،ابرزها المصالحة الفلسطينية وثانيها صندوق القدس،وثالثها الوضع الحياتي للفلسطينيين،ورابعها عملية السلام والتسوية والدولة الفلسطينية.
خلال الاربعة عشر عاما الفائتة، كانت فلسطين تنال حصتها من توصيات القمم،مع اختلاف قمة عن اخرى،وفقا لما يحدث،فتارة تدخل غزة تحت القصف فيتم التنديد بالقصف،وتارة تعتدي اسرائيل على المسجد الاقصى.
المفارقة ان القمة العربية الاخيرة دعت الى عقد قمة عربية مصغرة في القاهرة لجمع الفصائل الفلسطينية وتفعيل المصالحة بينها،ورحبت حماس والسلطة بهذه الدعوة بسرعة البرق.
لا تعرف لماذا تحتاج المصالحة الى قمة اخرى في مصر،وقد كنا في القمة الاكبر اساسا،وكان بالامكان الترتيب لهكذا مصالحة وتفعيلاتها،ولو على هامش القمة بدلا من جدولة المصالحة نحو قمة جديدة مؤجلة ومصغرة في ذات الوقت،وهي قمة هدفها فقط تعميد النظام المصري الجديد باعتباره راعي فلسطين بلا منازع ومنحه قليلا من بركات النوم في عباءة فلسطين المقدسة؟!.
الفصائل الفلسطينية اجتمعت سابقا في مكة وهي أقدس بقعة على الارض،ولم تنجح في الوصول ميدانيا الى مصالحة،ومن الدوحة والقاهرة ومواقع اخرى تواصلت الجهود دون نتيجة،لان لا أحد يريد ان يعترف بسر الفشل،المرتبط بكوننا بتنا امام مشروعين فلسطينيين،ولكل مشروع امتداده ومعسكره ومرجعياته،واحد في غزة،والاخر في الضفة.
عبر مشهد الانقسام تكثيف ايضا للصراع الاقليمي الدولي،الذي نراه بين مشروع الاسلام السياسي ومن يعادون الاسلام السياسي،اذ تمثل حماس حلقة في مشروع التغيير الذي يصب لصالح الهلال السياسي السني الجديد،والسلطة الوطنية تمثل مشروعا اخرا مرتبطا بالاسرائيليين والغرب وبقية السلسلة العربية،وعلى هذا كيف يمكن للمصالحة ان تتم اساسا بين طرفين يتعاكسان في فلسطين،وتتعاند مرجعيتهما الاقليمية والدولية؟!.
من هناك نذهب الى صندوق القدس الذي تم اقتراحه بقيمة مليار دولار،وتم دفع ربع مليار تحت الحساب،والصندوق ليس الاول ،وقبله اقترحت قمة عربية نصف مليار للقدس لم يتم دفع دولار منها،وعلينا ان نتأمل ان لا احد من العرب تجاوب اساسا مع مشروع الصندوق،ولو نظريا،وقد شهدنا سابقا تجاوبات نظرية لم تؤد الى دفع غرامة بيت مقدسي واحد قيد الهدم،وغدا سيخرج العرب للاعلان عن مصاعب تمويلية وعراقيل في الوصول الى القدس وأهلها لمساندتهم.
في ثالث العناوين ما سمعناه من وزير الخارجية التركي الذي اعلن مشكورا ان اسرائيل وعدت تركيا بتحسين اوضاع الفلسطينيين في غزة،والوزير أكرمه الله على هذه البشرى لم يقل لنا اين وصلنا في العالم العربي والاسلامي،بعد عنوان سابق يدعو الى تحرير كل فلسطين التاريخية،الى عنوان جديد يتحدث عن تحسين اوضاع الفلسطينيين المعيشية في غزة،وكأن مشكلة الفلسطينيين تتعلق فقط بشحنات الطحين والسردين؟!.
أما عملية السلام فلا تسمع استغرابا من أحد إذ يخرج أكبر زعيم لدولة عربية اي الرئيس محمد مرسي المنتمي الى تيار اسلامي له شعاراته ليتحدث عن عملية السلام والتسوية وقيام الدولة الفلسطينية،موقعا بالأحرف الاولى على نعي كل الخطاب التاريخي ضد الاحتلال الاسرائيلي،وهو هنا يبحر من القمة الى شاطئ التعميد الدولي قائلا انه يتطابق بمواصفاته مع سابقيه،وان الخلاف على كل فلسطين،ليس قصة كبيرة.
حضر العرب وغابت فلسطين،مثل كل مرة!.
maher@addustour.com.jo