خرافة القوميّة الأمازيغية.. وسرقة التراث العربيّ
حين اخترع روّاد القوميّة الأمازيغيّة أسطورة قوميّتهم المفترضة، عثروا في البادية الجزائريّة والليبيّة على نقوش وكتابات بأحرف قديمة غير مألوفة، فقالوا هذه أحرفنا القديمة التي أبادها العرب! ثمّ اشتغلوا على إعادة إحياء هذه الأحرف واستنباط نظام كتابة جديد يخدم خرافات الأمازيغيّة ودعايتها.
منحوا هذه الأبجديّة اسم {تيفيناغ} تحوير عن {تَفِناق}؛ التي أجمع العديد من علماء الألسن على أنّها صيغة جمع مؤنّثة مبربرة عن التسمية اللاتينيّة Punicus التي تعني پونيقي أي فنيقي. وهي دمج البادئة تَـ التي تشير إلى التأنيث بالصفة فِناق التي تعني فنيقي، وهي صيغة واضحة العروبة. وبهذا يكون معنى تسمية تَفِناق حرفيّاً: الأحرف الفنيقيّة.
يمكن التأكّد من هذه النظريّة في كتاب الأميركي Thomas G. Penchoen الذي نشره عبر جامعة ڤيرجينيا سنة 1973 تحت عنوان Tamazight of the Ayt Ndhir.
وتقرأ عنها كذلك في الصفحات 112-116 في كتاب جامعة أوكسفورد The World’s Writing Systems لسنة 1996 الذي يحتوي على مقالة Michael O’Connor : The Berber scripts، التي يشرح فيها كذلك حيرة القوميّين الأمازيغ في مطلع ظهورهم في المملكة المغربيّة قبل عقدين، بين اختيار الأبجديّة العربيّة أو اللّاتينيّة؛ لكتابة اللّغة الأمازيغيّة الجديدة، ثمّ الرسوّ على فكرة ابتكار أبجديّة جديدة مستنبطة من تلك النقوش القديمة؛ البدويّة الفنيقيّة، لصناعة وهم الأقدميّة.
وفي الخلاصة، هذه الأحرف وباعتراف التسمية البربريّة نفسها، هي أحرف كانت في نظرهم ومن العهد الروماني أحرف فنيقيّة تبنّاها بدو البربر وكتبوا نقوشهم بها، ثمّ انقرضت مع استبدالها أخيراً باللاتينيّة خلال العهد الروماني. وقد أخطأت حكومات البلاد المغاربيّة بالاعتراف بهذه الكتابة وبإضافتها إلى الشاخصات واللافتات الرسميّة في البلاد. وكان يمكن الاعتراف بالخرافة الأمازيغيّة استثناءً شرط كتابتها بالحرف العربي.
حرف البلاد المغاربيّة الرسمي.
بعد هذا، ادّعى القوميّون الأمازيغ أنّهم سكّان شمال أفريقيا الأصليّين الذين جاء العرب الفنيقيّون إلى بلادهم واحتلّوها، ثمّ من بعدهم اللّاتين الرومان، ثمّ من بعدهم العرب المسلمين. ثمّ، لمّا اكتشفوا أنّ خرافة نقوشهم كلّها مبنيّة على حقيقة أنّ الأحرف هذه هي في الأساس وافدة من جنوب شبه العربيّة، ولها دول وحضارات قديمة هناك، صاروا يتحدّثون عن أمازيغ اليمن وعُمان ويتفنّنون في تكبير الكذبة وتطويرها… وما هي غير كرة ثلج تتدحرج وتكبر في طريقها لهرس الجميع… وغداً يقولون أنّ العرب أساساً أمازيغ، حين تعجز سطورهم عن محو عروبة هذه البلاد: بلاد المغرب العربي.
سكّان شمال أفريقيا الأصليّين هم العرب. كلّ حضارات بلاد المغرب العربي ومن فجر التاريخ هي حضارات عربيّة. لا يوجد أثر لحضارة محلّيّة في المنطقة لم تبنه أياد وأفكار عربيّة قديمة، والعرب المغاربة هم سكّان البلاد المغاربيّة الأصليّين. أمّا من يدّعون اليوم أنّهم أمازيغ، فهم في الواقع نسل الضيوف والوافدين الذي وطّنهم الرومان في هذه البلاد أو استحضرهم الفنيقيّون مماليك من غير بلاد. إذا كانوا من غير العرب. وهؤلاء غير البربر، الذين لم تذكرهم وثيقة رومانيّة واحدة غير أنّهم بدو الفنيقيّين الوافدين من الشرق، سراسين Saracenus أو حِميريّين Hamiorum.
هذا يعني أنّ من يدّعون اليوم أنّهم أمازيغ هم سلالة بقايا أوروپيّين وأفارقة استوطنوا بلاد المغرب العربي خلال أكثر من 2500 سنة، ثمّ يسرقون اليوم تراث بدو الفنيقيّين أهل البلاد، ويدّعونه لأنفسهم، ثمّ يقولون أنّ كلّ أثر فنيقي في البلاد هو أثر أمازيغي، لإثبات أقدميّة تراثهم الوافد.