ما وراء الصراع في سوريا
سيمور هيرش أشهر صحفي أميركي استقصائي في الحقل الاستخباري الدولي. يقدم من وقت لآخر خبطات صحفية كبرى ، يكشف فيها الستار عما وراء الأحداث. وهو الذي فجر فضيحة تعذيب السجناء العراقيين في سجون الاحتلال الأميركي ببغداد.
آخر خبطة صحفية لهيرش نشرت في مجلة لندن ريفيو أوف بوكس (7/ 1/ 2016) وتتعلق بسياسة الإدارة الأميركية تجاه الأزمة السورية.
يقول هيرش: أربعة مبادئ رئيسـية لسياسة الرئيس الأميركي أوباما تجاه سوريا ، أولها الإصرار على أن الأسد يجب أن يرحل ، وثانيها أن لا تحالف مع روسيا في الحرب على داعش ، وثالثها أن تركيا حليف مخلص في الحرب ضد الإرهاب ، ورابعها أن بين المعارضة السورية تنظيمات معتدلة تستحق دعم الولايات المتحدة.
يضيف هيرش أن بعض أركان الإدارة الأميركية ، وخاصة في المؤسسة العسكرية والاستخبارية ، لا يشاطرون أوباما الإيمان بهذه المبادئ. وهناك دلائل وأمثلة موثقة على أنهم تصرفوا ضدها ، وبعضهم جرى استبعادهم مثل الجنرال دمبسي.
ويتوسع هيرش في استعراض أشكال التعاون وتبادل المعلومات الذي كان جارياً من وراء ظهر أوباما بين السي أي ايه والمخابرات السورية ، فضلاً عن الاتصالات المباشرة على الصعيد العسكري.
باختصار كان هناك طلاق كامل في المسألة السورية بين البيت الأبيض وكل من وزارة الدفاع والقوات المسلحة ، وأن أوباما أسير مواقف متسرعة لم يعد لها علاقة بالواقع.
يبني هيرش هذه الرواية الحساسة اعتماداً على مقابلات أجراها مع مسؤولين حاليين وسابقين ، واقتباس شهادات أدلى بها هؤلاء في جلسات استماع في الكونجرس ، ووثائق سرية تم تسريبها.
خلاصة القول أن أوباما مخطئ أو مخدوع أو عنيد في التمسك بالمبادئ الأربعة المشار إليها ، وحتى الجهات الاستخبارية الأميركية حذرت من أن رحيل الأسد يعني تسلم داعش والنصرة مقاليد الحكم ، فالبديل هو الإرهاب. وأن روسيا حقيقة موضوعية لا يجوز أن يواصل الرئيس الأميركي النظر إليها بمنظار الحرب الباردة مع الاتحاد السوفييتي.
ويؤكد بالشواهد والأدلة أن تركيا تدعم المنظمات الإرهابية ، وتسهل أعمالها ، وتمرر المقاتلين عبر حدودها ، وأن أردوجان يحلم باستعادة الدولة العثمانية بدءاً بسوريا ، ويستشهد بتقارير وتقييمات استراتيجية أميركية ترى أن المعارضة المعتدلة التي يتحدث عنها أوباما لا وجود لها ، وإن كل المنظمات التي تحمل السلاح في وجه النظام هي منظمات إرهابية.