روسيا تعولم الإرهاب
وكالة الناس – كتب. الشيخ حمزة منصور – التدخّل العسكريّ الروسيّ المباشر في سوريّا منذ الثلاثين من شهر أيلول الماضي، وبأحدث ما في ترسانتها من وسائل القتل والتدمير، وبطلعات جويّة زادت على خمسة آلاف طلعة، ودون أن تلوح في الأفق أيّة مؤشّرات على تحقيق أيّ من أهدافها المعلنة، والمتمثّلة بالقضاء على تنظيم الدّولة الإسلاميّة، والإسهام في إحلال السّلام، كما أن توسيع روسيا قاعدة عملياتها لتشمل مساحة سورية كاملة، دون تمييز بين فصيل وفصيل، ومقاوم ومدني، بل أكثر من ذلك تؤكّد التقارير أنّ حظّ داعش من هذه العمليات لا يتجاوز 20%ّ ما يرسم علامة استفهام كبرى على الاهداف الروسيّة. كما أنّ تسارع أعمال القتل، حيث بلغ عدد القتلى على يد الرّوس خلال ثلاثة أشهر(2371) سوريا، ثلثهم مدنيون، بينهم 180 طفلا، وكثيرون منهم نساء وشيوخ، قتلوا في المشافي والمدارس والمساجد والأسواق، وما رافق ذلك من تهجير لعشرات الالاف من مدنهم وقراهم في فصل الشّتاء القارس، وتدمير مساحات واسعة من الاحياء، أثبتت القدرة التدميريّة الهائلة للسّلاح الرّوسي، كلّ ذلك حمل الكثيرين على التأكيد أنّ روسيا لا تريد حلاً سياسيّا ينهي حربا أزهقت أرواح مئات الالاف في سوريّة، وهجّرت الملايين، وإنّما هي جادّة في محاولة فرض سيطرة عائلة الأسد على سوريا، حتى ولو على جماجم الشّعب السوريّ، وعلى الآثار الدارسة للمدن والبلدات السوريّة التي سوّاها السّلاح الرّوسيّ بالارض.
ولا أدلّ على ذلك من إصرار روسيا على استثناء ممثلي جيش الاسلام، وأحرار الشّام، من المشاركة في المباحثات القادمة، واعتبارهما فصيلين إرهابيين، على الرّغم من مشاركتهما في مؤتمر الرياض، وتوقيعهما على البيان بالإضافة الى تنظيم الدّولة والنّصرة، كما أن قتل قائد جيش الاسلام زهران علّوش، واعتقال أحمد العسراوي ومنير البيطار عضوي هيئة التفاوض في الرياض تأكيد واضح على حقيقة أهداف بوتين.
وروسيا مخطئة إلى درجة العمى السياسي إن هي ظنّت أنّها قادرة على إنهاء الإرهاب في سوريا، على الرغم من الضوء الأخضر المعطى لها من الادارة الامريكيّة، حيث لا زال اوباما يعاني من عقدة هزيمة سلفيه في أفغانستان والعراق، فالقتل يستدعي القتل، والحقد يؤجّج الحقد، والإرهاب لن يبقى حبيس سوريّة والعراق والأرض العربيّة، فقد انتقل الى ساحات اخرى، والتجنيد يجري على قدم وساق في مختلف القارّات، ومبرراته كثيرة، وتزداد يوما بعد يوم، وجوازات السّفر حاضرة، ووسائل المواصلات والنّقل متوفرة، ووسائل التواصل الاجتماعي، والمشاهد المرّوعة على مدار السّاعة التي ترسمها طائرات سوخوي وميج34، وصواريخ إس 400 تفعل فعلها في النّفوس، ولن تبقى بقعة على الأرض في مأمن، بما في ذلك روسيا نفسها، وفيها من ملايين المسلمين، وبعضهم موجودون في سوريّا والعراق مَنْ تقضّ مضاجعهم جرائم بوتين في سوريّة، كما أنّ استهداف الكرملين لتركيّا الصاعدة، والمنحازة لقضايا الحقّ والعدل واحترام إرادة الشّعوب، والعمل على محاصرتها،وفرض العقوبات عليها بحجّة اسقاط طائرة روسيّة اجتازت الحدود السوريّة، على الرّغم من التحذيرات المتكرّرة وهي ماضية قدما في ممارسة العربدة على الشواطئ الروسيّة، كلّ ذلك من شأنه أن يزيد المتطرّف تطرّفا، ويسحب من رصيد قوى الوسطيّة والاعتدال. وهكذا، وبدلا من أن تكون روسيا عامل استقرار في المنطقة، وفاعلا رئيسا في إعادة التوازن الدوليّ الذي اختلّ بانهيار منظومة الاتحاد السوفيتي أصبحت معولما للإرهاب، وفاعلا رئيسا فيه، وهو ما حمل بعض الأصوات العاقلة في روسيا على التحذير من مغبّة هذه السياسة السبيل
