الذكاء العاطفي ..هل لديك علم من هو الذي يحبك ، ونوع المحبة ؟

كتب. د يوسف العجلوني
الانسان مزيج من المشاعر والأحاسيس والأفكار ، ومنذ الأزل سعى البشر على اختلاف ثقافاتهم ومستواهم التعليمي على فهم بعضهم بعض ، وتحليل ما يشعر به اتجاه الاخرين ، وذلك له الأثر الإيجابي الكبير في بناء العلاقات الإنسانية العميقة ، وتوطيد أواصر الصداقة والمحبة والقرب.
الناس في حاجة بعضها البعض ، وكل منا يبحث عن الشخص الذي يجد فيه ما يرضيه ويتجاوب معه ، لأن النفس البشرية في واقعها ناقصة تبحث عن شيء تكتمل به ، وترضى عنه ، وترتاح إليه ، ولا تستطيع تشبع منه.
الذكاء العاطفي هو القدرة على فهم وتوقع ما يشعر به الآخرون ، وهو مهارة يتمتع بها القليل من الناس ، والمهارات تكتسب وتتطوّر بالممارسة وتكون الخبرة ، وعندما تصل الى درجة انك تستطيع ان تدرك ما يمكن أن يشعر به الآخرون إزاء موقف أو حدث معيّن ، ستصبح أكثر قدرة على توجيه سلوكك وتصرفاتك لتتفاعل معهم وتجنّبك جرحهم او إيذاءهم ، بطريقة مناسبة ترضي انفسهم وتزيد من محبتهم لك.
الذكاء العاطفي يتحسن ويتطور من خلال العلم والثقافة ، من خلال التمرس الاجتماعي ، من خلال مراقبة سلوك الآخرين عن كثب بوجود قوّة الملاحظة والتركيز والمتابعة ، من خلال طريقة الكلام والتعابير ولغة الجسد ، من خلال تغيّر المشاعر في المواقف المختلفة ، من خلال الاستفادة من التاريخ السابق ، من خبرات الاخرين التي تتحدّث عن المشاعر وانواعها وصفاتها ونتائجها.
الحب هو شعورٌ قويٌ بالمودة والعاطفة تجاه شخصٍ أو شيءٍ معيّن ، والحب يلعب دوراً رئيسياً هاماً في الحياة ، حيث يقدّم الراحة والسكينة ، ويدل على مزيجٍ من المشاعر الأخرى مثل الانجذاب ، والتعلّق ، والحاجة ، والحنان ، ومحاولة إسعاد الشخص الآخر ، والحب يحتاجُ إلى ثلاثة عناصر أساسية هي الالتزام والشغف والمودة ، وقد يكون الحب خياراً يتخذه الشخص أو يكون خارج عن ارادته وغير قادر على السيطرة عليه.
للحب أنواع عديدة؛
الحب غير المشروط: الذي يُؤثر فيه الشخص غيره على نفسه ويتخلّص من الأنانية في سبيل إسعاد الغير ، وهذا النوع من الحب نادرٌ الوجود.
الحب الرومانسي؛ المرتبّط بالمشاعر ، والشغف الجسدي الذي يمكن أن يُفقد الشخص السيطرة على نفسه.
الحب العاطفي؛ الذي يشعر به الإنسان تجاه غيره من الناس مثل الأصدقاء.
الحب الجسدي؛ وهو حب الانجذاب الجسديّ الشهوانيّ الذي يشبع الرغبات الإنسانية.
حب العائلة؛ الموجود بين الأهل والأبناء ، ويشير هذا الحب إلى الشعور الذي ينشأ عن عن الألفة والمحبة والتبعية.
الحب غير الملتزم أو اللعوب؛ وهو حب الإنسان لأشياءَ معينة مثل الموسيقى ، أو الرقص ، أو المرح والمتعة ومن دون أية التزاماتٍ وقيود.
الحب العمليّ؛ وهو شعور الحب الذي يعتمد على القرارات العملية ، والعقلية ، والواجبات ، والمصالح ، والأهداف المشتركة ، وهو أكثر شيوعاً بين الازواج حيث ان له مصالح محددة.
حب الذات؛ والذي يمكن أن يكون صحياً أو يمكنه أن يدمّر حياة الشخص ، إذا وصل إلى الغرور والغطرسة فهذا غير طبيعيّ ، ويمكن أن يؤدي إلى دمار الشخص أو أن يصبح له أعداء ، أمَّا حب النفس المعتدل مثل تقدير الذات هو أمرٌ طبيعيٌ وصحيٌ للإنسان ، ويساعد الشخص على تقبّل نفسه ، ويحسّن من صحته الجسدية والعقلية، ويمكن تعزيز هذا الحب من خلال تخصيص الوقت الكافي للنفس ، والقيام بنشاطاتٍ معينة وتمارين رياضية والتأمّل ، وكتابة المذكرات.
المحبّة هي الحُبُّ الطاهر ٬ وهو ميل النَّفس إلى ما تراهُ سعيد وسار ٬ والمحبّة هي أساس الحُب ، وهي نوع من أنواع الحُب ٬ وتحتوي معنى الحب غير المحدود أو غير المشروط ٬ وممكن ان تكون المحبّة بين الإنسان وربّه ٬ أو بين الإنسان وفكرة ٬ أو حتّى بين الإنسان وإنسان آخر بعيداً عن اللّذات المادية المؤقتة ٬ أي إنها لا تُمثِّل الحُب البيولوجي بين البشر بل هو نَوع آخر من الحُب الذي هو أرقى ٬ وأسمى ٬ وأطهر؛ حيثُ انها علاقة عطاء خالصة بين المُحِب والمحبوب لا يشوبها أي رغبات أو حاجات ماديّة بالمقابل.
المحبة بين الناس لها أربعة أنواع؛ الذي ينعقد سريعا وينحل سريعا ، وهي المحبة التي تكون بسبب اللذة فقط. ومنها ما ينعقد سريعا وينحل بطيئا ، وهي المحبة التي سببها الخير. ومنها ما ينعقد بطيئا وينحل سريعا ، وهي المحبة التي تكون بسبب المنافع. ومنها ما ينعقد بطيئا وينحل بطيئا ، وهي المحبة التي تتركب من هذه الأنواع كلها ، وهي محبة الزوجين كل منهما للآخر ، فإن فيها اللذة المشتركة ، والخيرات
المتبادلة ، والمنافع المختلطة ، وهما يتعاونان عليها. وهنالك نوع خامس من المحبة بين الناس وهو “الحب في الله” ، ولا يخضع هذا النوع لمقاييس دنوية أو مصالح شخصية
أو ملذات زائلة تحدد صور انعقاده أوانحلاله.
خلال مراحل الحياة والظروف والتغيرات ، ممكن ان يتكرر التعامل عن قرب مع شخص ما ، يجعلك تنظر من زاوية اخرى ، وتفهم الامور بشكل أفضل ، ويزداد شعورك بالارتباط معه وتصبح قدرتك اكبر على فهم ما يشعر به ، وتحب الاستماع له ، وتنشغل بالتفكير في ردّ مناسب على الحوار معه ، وشعورك سوف يقوم بذلك ، وتبدا تفكر بالمشاعر عندما يخبرك صديقك بقصة حدثت معه ، ولن تتردد باستخدم عبارات توضّح مدى اهتمامك به ، وستجد نفسك أكثر قدرة على التنبؤ بما سيقوله لك أو بما سوف يكون تصرفه في الحالات والايام القادمة. وسوف يبدا التعاطف في معظم الاوقات ، وذلك يجعلك تقبل كل شي ولو كان بلغة العقل خطا ، وبذلك سيكون الفهم اعمق ويكون الدعم والمساعدة ، فإذا كان صديقك يمرّ بظروف صعبة ، سوف تقف معه ، وتفكّر بما ترغب به لو كنت مكانه وتقدّم له أمرًا مشابهًا ، ويكون الاهتمامً الحقيقيً ، وتحسس شعوره ، والتمسّك بالأخلاق الدمثة معه ، ولن تقلّل أبدًا من أهمية افعاله مهما كانت بسيطة ، وتقوى روابط المحبة ، وكلمة شكر توجّهها له ترفع من معنوياته وتشعره بالتقدير ، وسوف تكون حريصا على رسم الابتسامة والأمل والثقة في نفسه.
المحبة لانسان اخر والتعلق به ، ممكن ان يكون لأنك تنجذب إلى عقل ذلك الشخص أو شخصيته او روحه ، فإذا رغبت أن يكون هذا الشخص رفيق روحك أو شريكك في علاقة ما ، وتكون هذة العلاقة مفيدة وتدوم مدى الحياة ، ويمكنك أن تشاركه مشاعرك المختلفة ، فان ليس في ذلك أي خطأ ، باستثناء أذا ادت هذة العلاقة إلى التعلق الشديد وتقدم العلاقة وتطورها الذي قد يصبح إشكالية وتهديد على المستوى العائلي والاجتماعي ، لان ذلك يؤدي إلى هوسٍ وعدم مقاومة ما هو اتي ، وذلك يشير أنك أصبحت مرتبطا عاطفياً ولا يمكنك التوقف أو البعد عنه.
من الصعب معرفة حقيقة شعور شخصٍ ما اتجاهنا ، ولكن هناك بعض الأمور والتصرفات التي يمكن البحث عنها لمعرفة فيما إذا كان هذا الشخص يحمل مشاعر حقيقية لنا أو لا ، وذلك يظهر من إبداء الاهتمام والرغبة في معرفة الأحوال والاطمئنان عنك ، وروح الدعابة بالحديث الودي ، واللطف وكثرة الإطراء ، والخجل والإحراج من ابسط التصرفات ، وردة الفعلٍ بالنقاشات ، ونبرة الصوت وتعابير الوجه ولغة الجسد ، ومحاولة مشاركتك السعادة والحزن ، والتحدث عن المستقبل في العلاقة ، والمشاركه في أمور الحياة اليومية ، والصراحة التامة والاخلاص بالمشاعر التي تزيد الإعجاب لأنها تظهر الإنسان المحب على حقيقته ، وإظهار الاحترام لقراراتك ومبادئك ، والالتزام في كل شي؛ الإلتزام بالمواعيد ، الالتزام بالتواصل ، والالتزام بالخطط التي تم وضعها ، والالتزام بعدم جرح شعورك ، والتعامل معك بوجه واحد ، والمبادرة بالاعتذار في حال عدم التمكن من فعل شيءٍ تم الاتفاق عليه ، والسلوك الجادٌ والصادق ، وتخصص وقتً لك مهما كان الإنشغال ، من هذة الصفات والتصرفات وصحتها وطبيعتها نستطيع معرفة مشاعر الآخرين اتجاهنا.
علاقة المحبة بين الازواج ممكن ان تفتر مع الايام ، لذلك يجب اعادة شحنها بين وقت واخر ، لتبقى المحبة قوية ومستمرة وتزيد: يجب الابتعاد عن السلبية في الحديث ، والتحدث بصراحة وصدق. ومشاركة الاهتمامات والنشاطات التي تجلب الفرح. والحرص على موافقة الشريك والوقوف معه ، وعدم إرغامه وازعاجه باعمال لا يرغب بها. والتسلح بالثقة بالنفس ، والاستعداد للتجربة والتغير. والتعبير بشكلٍ دائمٍ ومستمر عن المودة العاطفية والجسدية. والحرص الدائم على إرضاء الشريك وإمتاعه. والتبادل المستمر للمشاعر الصادقة. الرغبة في المشاركة الأحلام. الابتعاد عن الأنانية. والاشتراك المناسب والمتساوي بين الممتلكات. والمساعدة والاهتمام، وتقديم الحنان الكافي.
المشاعر والمحبة مراحل ودرجات ، تبدأ بالإعجاب بالشخص الاخر الذي ممكن ان يكون للعلم ، أو للذكاء ، او للشخصية او الهيئة او للمركز المهني او الإجتماعى.
هنالك علامات يمكن أن تلاحظها على نفسك لتعرف أنك قد تحب شخص ما مثل؛ تكرار اللقاءات واقناص الفرص لذلك ، وانتظارك اللقاء ، وكلما انتهى اللقاء فانك تنتظر اللقاء التالى ، دائما ترغب بالقرب وتشعر بالسعادة والطمأنينة ، انت تحب ما يقولة لك ، وتبحث عنه فى أوقات الشدة أو الفرحه ، فى أوقات الضيق والقلق أو السعادة والنجاح ، بحثك عنه لتروى له شىء يخصك ، ولا تستطيع أن ترويه لشخص آخر فهو الوحيد الذى سيكون ملجأك ، وستعتمد علية فى كل الأوقات لشعورك بأنه يقدر على احتواءك ومساعدتك والتهوين عنك فى مصائبك ، وسوف تخاف ان تفتقده وتريد تسمع صوته دائما ، وستفكر فية عندما تقوم باي عمل وتريد أن يكون بجانبك ويشاركك كل لحظاتك ، لان الموقف معة لا بد انه سيكون أجمل بكثير ، وستشعر بالخوف عليه من اي مكروه او مرض ، ويأتيك شعور مرات انك غير مطمئن عليه ، سوف تخلق الأعذار لرؤيته ، وستشعر انك لا ترغب برؤية اي انسان سواه ، هاهنا توقف وتطلع في جميع الاتجاهات واعرف أنك الان تحبه بشدة ، ولا تستطيع ان تتخلى عنه.
عندما تحب شخصاً ما ستثق فية ثقة لا حد لها ، ويكون هو سرك وموضع الأمان ، وستثق فى أن تطلب منه أى شىء ، وسوف يتخذ عندك منزلة من الثقة لم يصل إليها أحد ، وستحاول من التحسين من نفسك بكل الطرق لترضيه ، وسوف تسعى لان تكون شخص جميلا” امامه ، وحبك له يجعل منك شخص أفضل في كل شي لانك تحب ان يعتز بك ، فالحب يصنع المعجزات ويجعلك شخص أقوى وأثبت وانجح ، ويجعلك تتطلع للمستقبل والايام السعيدة ، وسيكون لك خطط وطموحات وتكون حريصا” على تحقيقها ، ويكون الامل والحياة.
قد يحدث أن يكون المرء مرتبطا بعلاقة حب أو زواج ولكن فجأة وبشكل لا إرادي يجد نفسه معجبا بشخص آخر ، وتبدأ المحبة وتزداد ، وكونه لم يعد مراهقا لا يعني أنه ليس معرضا للإعجاب بآخر ، وهذا أمر يحدث ، والاعجاب والعلاقة هنا تكون لأسباب متنوعة ، صداقة ، اعجاب لناحية اجتماعية أو عمل عام ، استقرار ، ارتباط نفسي او عاطفي ، انجذاب للشخصية ، حب لإنجاز تم من ذلك الشخص ، وممكن ان تكون سعيدا في هذة العلاقة ، ولكن هنا يجب على المرء ان يدرك ماهية العلاقة التي يدخل فيها ومكانها وموقفه منها والمراد منها ، وعادة ما يأتي الإعجاب مقرونا بعقلية التطلع الى اوقات وحياة أفضل ، وانتبه ان لا تدخل في متاهة وعدم استقرار وقلق من هذة العلاقة ، وانتبه للنتائج التي ممكن أن تصل لها ، وانتبه ان لا تهدد مكانك وقيمتك الاخلاقية والاجتماعية.
إن الرجل عندما يحب بصدق لا يرى امرأه سوى التى يحبها وهي في الغالب زوجته وام اولاده ، وستكون كل النساء بالنسبة له سواء ، ولن يشعر بالإعجاب بأى امرأه سواها مهما كانت ، فقلبه معلق بها فقط ، ولا يرتاح الا بوجودها.
والمرأه التى تحب أيضاً لا تنجذب إلى أى رجل غير الذى تعلق به قلبها والاغلب هو زوجها ، فمهما قابلت من رجال ، فلن يجذبها احد ولن يدق قلبها لغير زوجها الذى تحبة ، والمرأة أكثر عاطفة وأكثر التزاما وقناعة واكثر وفاء.
د يوسف العجلوني