في القدس غير الاقصى
لا يعرف ما يعانيه أهل القدس إلا من يطلع بشكل جيد على المخططات الصهيونية المتوحشة لمحاصرة أهلها العرب، وتضييق العيش عليهم، ودفعهم بكل الطرق الشيطانية لمغادرتها، ورغم ذلك يقاوم هؤلاء بكل ما أوتوا من قوة، ولكنهم بحاجة من يدعمهم، ويوقد «زيتهم» ولو بالقليل المتاح!. حسب المصادر الصهيونية نفسها، هناك 7 بالمئة فقط من تراخيص البناء للشقق في القدس قد أعطيت للفلسطينيين في السنوات الأخيرة، يسكن فيها تقريبا 40 بالمئة من سكان المدينة – هذا ما يتبين من معطيات نشرتها صحيفة «هآرتس» العبرية أمس. تظهر هذه المعطيات الوجه البشع للاحتلال، والأرقام تتحدث: في العام الماضي أعطيت 158 رخصة بناء في أحياء شرقي القدس ثلثاها في بيت حنينا، في النصف الأول من هذا العام أعطيت في القدس كلها تراخيص لـ 1270 وحدة سكنية. في 2014 أعطيت تراخيص بناء بـ 188 وحدة سكنية في شرقي القدس مقارنة مع 3238 في كل القدس، في السنوات الخمس الأخيرة أعطيت في كل القدس تراخيص لـ 11.603 شقة من بينها فقط 878 في الأحياء الفلسطينية، وحتى 2010 أعطيت في كل عام تراخيص بناء لـ 400 وحدة سكنية في شرقي القدس. وفي كل سنة من السنوات الخمسة الاخيرة أعطيت في شرقي المدينة 200 رخصة بناء، ولهذا فإن معظم المنازل القائمة في شرقي القدس بنيت بدون ترخيص لأنه لا توجد خطط هيكلية للأحياء ولا يستطيع الفلسطينيون أهل المدينة الأصليون الحصول على الرخص، لذلك يضطرون للبناء خارج قانون الاحتلال. ومن اجل فهم مشكلة البناء «غير القانوني!» يجب مقارنة ما يحدث في القدس الغربية مع القدس الشرقية. في القدس الغربية، أي الأحياء اليهودية وراء ما يسمى الخط الأخضر، أغلبية البناء يتم بمبادرة حكومة الاحتلال – أي ما يسمى دائرة أراضي إسرائيل ووزارة الإسكان، حيث تضعان الخطط والميزانيات من أجل التوسع في تهويد المنطقة والبنى التحتية وتنشران العطاءات ويتم بناء الوحدات من قبل مقاولين وتسوق برقابة حكومة الاحتلال. في شرقي المدينة، في المقابل، فان البناء هو بناء خاص ويشمل في العادة عددا قليلا من الوحدات السكنية التي تبنى على أرض خاصة. في معظم الحالات لا يستطيع سكان القدس الشرقية الحصول على قرض سكني لبيوتهم بسبب الصعوبات التي تضعها سلطات الاحتلال أمامهم بما يخص تسجيل الأرض في الطابو. ومن اجل بناء بيت حسب قانون الاحتلال يضطرون لدفع نفقات وضرائب بمبالغ عالية جدا. وفي غربي المدينة تُقسم هذه المبالغ بين الدولة والمقاول والمشتري الذي يستطيع الحصول على قرض سكني! يقول المحامي سامي رشيد المختص بموضوع التخطيط والبناء في شرقي القدس، إن «معظم الناس يقدمون طلب للرخصة لكنهم لا يحصلون عليها؛ لأن الرسوم قد تصل الى الملايين..أما في الوسط اليهودي فإن الدولة هي التي تدفع الرسوم أو المقاولين الذين يدحرجون الأمر للزبائن، ولكن عند العرب البناء فردي! الأثرياء العرب والفلسطينيون خاصة، بوسعهم أن يفعلوا الكثير لوقف تهويد المدينة، ومساعدة عرب القدس على بقائهم حلقة في حلق الاحتلال، في القدس ليس الأقصى فقط، بل ثمة بشر يعيشون في معركة شرسة من عدو متوحش، بحاجة لأن يشعروا أن ثمة من يشعر معهم!.