هل الموازنة ملزمة؟
الأصل أن تكون الموازنة العامة ملزمة لأنها تصدر بقانون ، ولكنها عملياً ليست أكثر من مؤشر قابل للزيادة أو النقصان حسب الظروف. وربما كان هذا هو السبب في مماطلة الحكومات بإصدار الحساب الختامي لأنه يكشف عن الفروقات بين التقدير والتنفيذ. إذا قدرت الإيرادات المحلية أو المنح الخارجية بمبالغ معينة ثم جاءت النتائج الفعلية مختلفة قليلاً أو كثيراً فإن أحداً لن يعترض أو يعتبر ذلك مخالفة قانونية ، خاصة وأن الحساب الختامي لا يصدر إلا بعد عدة سنوات وتغير الحكومات بحيث يصبح في ذمة التاريخ. مقارنة أرقام الموازنة لسنة 2015 الحالية مع عادة التقدير على ضوء المعلومات المتوفرة لتاريخه تدل على أنه سيكون هناك عجز في الإيرادات المحلية بنسبة 3% ، وعجز في المنح الخارجية بنسبة 35% ، الأمر الذي من شأنه خفض مجموع الإيرادات بنسبة 8% عما كان مقدر لها في قانون الموازنة. أما في باب النفقات المتكررة فمن المنتظر أن يتحقق 2ر99% منها ، بينما يتحقق 3ر93% من النفقات الرأسمالية أي أنه سيتحقق 3ر98% من إجمالي النفقات. هذه الفروقات الصغيرة نسبياً ستؤدي إلى أن يصبح العجز بعد المنح ضعف المبلغ المسموح به بموجب الموازنة. أما نسبة العجز إلى الناتج المحلي فقد تضاعفت من 7ر1% في 2014 إلى 4ر3% في 2015. بلغة المحاسبين هذه الفروقات بين التخطيط والتنفيذ مهمة وتستوجب حصر الأسباب للتأكد من أنها مبررة ، أما بلغة المالية العامة فإن الفروقات صغيرة ومقبولة ، بحيث يمكن القول أن الحكومة التزمت في 2015 بالموازنة ، ولم تتجاوز النفقات المقررة ، ولم تصدر ملاحق للموازنة لتغطية تجاوزات كبيرة أو صغيرة. يذكر أن تقديرات المديونية جاءت مطابقة تقريباً للتقديرات المسبقة التي بدورها تمثل زيادة بمقدار 2300 مليون دينار عما كانت عليه في نهاية السنة السابقة. وهي زيادة كبيرة ، وتدل على أنها لم تحدث تحت ظروف طارئة بل كانت مقررة سلفاً في موازنة 2015!!. النفقات الجارية والرأسمالية لسنة 2015 قد ترتفع فعلياً أكثر من التقديرات ، لأن وزير المالية الجديد سيقوم قبل نهاية السنة بتسديد جميع الالتزامات المستحقة للموردين والمقاولين ، والمؤجلة لأغراض إدارة السيولة وتحسين الصورة ، لكي لا تدّور للسنة القادمة وتحسب على عهده!.