التلاميذ بين إصدار الأحكام عليهم وتقييمهم
مثلما يوجد خيط رفيع للغاية بين الليل والنهار، وبين الحب والكراهية، وبين الحرب والسلام.. يوجد خيط رفيع جداً قد لا نراه بين الحكم (Judgement) والتقييم (Evaluation). وبما أن المدرسة هي مجال اهتمامي هنا، فإنني سأحاول بيان الفرق والعلاقة بينهما للمعلمين والمعلمات، وأثرهما على الأطفال/ التلاميذ.
نقوم كمعلمين ومعلمات بإصدار أحكام على الأطفال/ التلاميذ ربما يومياً، وتقييم أدائهم بصورة دورية في أثناء هذا وذاك، ونخلط بين الحكم والتقييم. وقد يحمل الطفل/ة التلميذ/ة نتيجة الحكم عليه أثراً ربما يرافقه طيلة حياته. ومن ذلك أنه إذا حصل طفل/ة تلميذ/ة على علامة متدنية في الحساب أو في العلوم في أكثر من تقييم أو امتحان، سارعنا إلى إصدار حكم عليه بالغباء فيهما، وعاملناه على هذا الأساس. ويتحول هذا الحكم إلى وصم (Labelling) قد يلحق به أكبر الضرر، فـ”يتيس” في الحساب أو في العلوم على طول مصداقاً لحكمنا. وربما يرسب أو يتسرب من المدرسة، مع أن نتيجته في الحساب أو العلوم قد تكون عابرة، أو كان يمكن مساعدته على تجاوزها بتدخلنا الإيجابي.
علينا الحذر والتمسك بطول البال قبل إصدار مثل هذا الحكم، والفصل بين الحكم والتقييم. إن استخدامنا التقييم لإصدار الأحكام ضار بالصحة النفسية والعقلية والاجتماعية للطفل/ة التلميذ/ة. إن نتيجة الامتحان مؤقتة، أي أنها تتغير من تقييم أو امتحان إلى آخر. أما الحكم، فيثبت وقد يرافق الطفل/ة التلميذ/ة مدى الحياة كما ذكرنا.
يجب على المعلم/ة أن يتذكر قبل تسرعه في إصدار الأحكام أن الأطفال/ التلاميذ الذي يعلمهم أسوياء، أي لا يعانون من معوق عقلي، وأنهم التحقوا بالمدرسة وقد أتقنوا جميعاً لغة الأم أو لغتي الأب والأم، وكذلك المهارات كافة اللازمة لإشباع حاجاتهم، وما أصعبها! هل تعلم الحساب أو العلوم في المدرسة أصعب من تعلم لغة الأم أو لغتي الأب والأم، أو أصعب من الحبو أو المشي، أو ضبط الطفل البيولوجي لذهابه إلى الحمام، أو من الأكل باليد وبالمعلقة أو بالشوكة والسكين أو بارتداء ملابسه بنفسه؟