حان وقت إسدال الستارة
منذ 15 عاما تماما نشرت أول مقال يومي في الدستور، وقبل ذلك كانت لدي عدة محاولات للنشر في صحف أخرى بعضها كان مؤقتا ولكن موفقا وبعضها الآخر وجه بالرفض وعدم الاقتناع. الدستور هي الصحيفة التي منحتني الفرصة والثقة المستمرة لأن أكون أحد كتابها اليوميين منذ العام 1999 عندما كنت لا أزال في الثلاثين من عمري وربما أصغر كاتب يومي في الصحافة الأردنية في ذلك الوقت. لا أذكر أمرا فعلته أو طموحا حملته في حياتي منذ الصغر أكثر من أكون كاتبا، وبالنسبة لشخص لم يكن من عشاق الكتابة الإبداعية مثل الرواية والشعر والمسرح والقصة بل كان من عشاق السياسة والفكر والثقافة فقد كانت الكتابة السياسية هي الطموح الأساسي. عندما اسأل نفسي لماذا امتلكت مثل هذا الطموح والهدف فإن الجواب قد لا يكون واضحا ومباشرا بل فيه مزيج من الرغبات والأهداف. لا شك أن الأنانية والرغبة في التميز تلعب دورا لأن كل شخص يتمنى في داخله أن ينشر اسمه في الصحيفة في موقع الكاتب أو المساهم، ولكن السبب الرئيسي قد يكون طموحي في أنني قد أتمكن من المساهمة في تغيير ايجابي عن طريق نشر ما أؤمن به من قيم تتعلق بالسياسة والثقافة وحرية التعبير والتفكير العلمي وغير ذلك مما أعتقد بأنه قد يكون السبيل الأسلم لتحقيق تغيير ايجابي في المجتمع. يحلم الكاتب دائما ويأمل في أن يكون مؤثرا. تطربني بالطبع تلك العبارات المادحة التي أتلقاها حول ما أكتب، وتشعرني بالرضا حتى تلك الانتقادات والاتهامات التي تصلني من جهات لا ابذل اي جهد في الحصول على تأييدها لأنني لا اقتنع بتفكيرها. ولكن في نهاية الأمر فإن الرغبة في التأثير تصل إلى حدود معينة عندما تدرك بعد 10 سنوات أو أكثر أو أقل أن الكتابة في الصحافة لا تحقق التأثير المنشود إلا إذا كان الكاتب قد قرر أن يقفز تلك القفزة الهوجاء من موقع الصحافة إلى موقع المسؤولية الرسمية في اتخاذ القرار. تلك القفزة ابتعلت بعضا من أفضل الصحافيين في الأردن حيث أنهت تاثيرهم ككتاب يعبرون عن مواقف وطنية أو شعبية ووضعتهم في موقع السلطة لفترة مؤقتة ثم نبذتهم، فلم يعودوا لا كتابا يحظون بالثقة ولا مسؤولين يتخذون القرار. الكتاب الأشد تاثيرا هم الأكثر قربا للمشاعر الفياضة والعواطف والانفعالات العامة وهو السبيل الأمثل للحصول على الشعبية والتباهي بها بل ايضا التمتع بالقرب من صناع القرار الذين يهتمون بإرضاء الكتاب الشعبيين وهذه مهارات يتميز بها بعض الكتاب ولكن الكثيرين يفتقرون لها. الشغف والاقتناع هما القوة الدافعة التي تجعل من اي كاتب مستمرا في الكتابة طامحا بإحداث التغيير المنشود. –