في البُعد عن التنظير …
في البُعد عن التنظير …
تعجبني كثيراً العبارات البرّاقة التي يطلقها معظم من يحيط بي من أصدقاء ومعارف والأصدقاء هنا نوعان؛ أصدقاء حقيقيون – ملموسون بشريون– واصدقاء افتراضيون جمعتنا بهم وسائل التواصل الاجتماعي، فترى المعظم يدعو لبرّ الوالدين، ولشفافية الأخلاق وأحسنها، ولأفضل القيم، فتسمع وترى ما يسر فؤادك ويشرح صدرك ويجعلك تشعر بأن الأمة في خير الكترونياً ؟!
ولكن الذي يتفاعل مع الناس في الشارع أو العمل أو الدوائر المختلفة حكومية أو خاصة يرى العكس تماماً فصراخ وشتائم هاهنا، ونصب واحتيال هناك، ومشاكل لها أول بدون آخر، أما القيم فحدث في البعد عنها ولاحرج، والمراقب الجم للمشاكل المحيطة بنا يراها تنبع في البعد عن الدين واعتزال الأخلاق فيبدو أن الأخلاق الالكترونية تشكل اشباعاً لدى مستخدميها ولا يربطون بين القول والفعل.
كثيراً ما ننصح – كتربويين – الآباء بالتخفيف من استخدام أبنائهم للتكنولوجيا لأنها تجعل منهم يعيشون في عالم افتراضي لا صحة له وتجعل هذا الطفل غير قادر على مواجهة مصاعب الحياة ومشاكلها، لأنه يعيش في عالم مليء بالمتغيرات ينجز ما يريد ويصادق من الأصدقاء الافتراضيين من يريد مما يجعله فريسة سهلة لأي غزو فكري أو توجيه لجهة غير مرغوبة …
وللأسف هذا ما نشاهده ونلمسة حالياً في مجتمعنا من مثالية في العالم الافتراضي يقابلها واقع مر في الحياة العامة ودائماً ما نرى ونسمع ونقرأ للعديدين وجهات نظر بها من الروعة ما يكفي لتكريم صاحبها يقابلها وللأسف سوء خلق وفهم وتقدير في الحياة العامة والى متى سنكتفي بالتنظير عبر نوافذ وهمية افتراضية والى متى سنؤمن بالنظريات فقط دون إيمان منا بتطبيقها فكم هو جميل أن نكتب عن برّ الوالدين، ولكن الأجمل أن نرى هذا البر بأعيننا وكثيراً ما نقول أن الأعمال أعلى صوتا من الأقوال المزاوجة بين التنظير والعمل هي السبيل الوحيد لرفع مستوى الأمة وتعديل مستقبلها ورفع مستوى الطموح لدى الناشئة .