تشريعات مهمة غائبة عن بيئتنا الاستثمارية…
من اهم القوانين والتشريعات الاستثمارية الغائبة او المغيبة محليا ..قانون حماية المستثمرين في حالات الاعسار، حيث يسمح القانون للشركات إعادة تنظيم نفسها في إطار القوانين، وتمكن الشركة من الحصول على تمويل للتعافي، ووقف اي شكل من اشكال ملاحقة الدائنين بخاصة البنوك لفترة زمنية، وخلالها يُمكن الشركة من التعافي وتحافظ على موجودتها وتنميتها، وتبقي على الموظفين في اعمالهم، ثم تعود بعد انتهاء فترة السماح التي تصل الى ثلاث سنوات لتسديد ديونها، وهذا القانون المغيب عن سابق اصرار منذ سنوات الحق اضرارا بالغة ببيئة الاستثمار والمستثمرين، وفي معظم الحالات تم تجريم المستثمرين والتشهير بهم برغم جودة موجوداتهم وكفايتها. مصادر التشريع الحديث نوعان الاول فرنسي والثاني انجلوسكسوني، فالاول يعتد بالقوانين شكلا ومضمونا بعيدا عن المرونة والاجتهاد وينحاز اولا واخيرا للماليين ويجافي الاقتصاديين، والثاني بريطاني امريكي ينحاز للاستثمار الحقيقي ويقدم الاقتصاد الحقيقي والاستثمارات المنتجة ويهمش الهندسة المالية ويضعف تماديها، لذلك نجد قدرة عالية للاقتصاد الامريكي على الافلات من الازمات والعودة للتعافي، بينما نجد تعافي الاقتصادات الاوروبية صعب المنال ومتطلباته شديدة التعقيد. وفي هذا السياق يندرج الفصل الحادي عشر جوهر القوانين الناظمة للاستثمارات بخاصة الاعسار و / او إشهار الإفلاس في الولايات المتحدة، لذلك يحرص هذا الفصل على منح الفرص كاملة للمستثمرين افرادا وشركات لاعادة تقييم اوضاعهم وتوفر لهم مظلة قانونية تحميهم من الملاحقة القضائية، ومع اجابة طلب المستثمر اللجوء للفصل الـ 11 من القوانين الناظمة للحياة الاقتصادية والاستثمارية، يتفرغ المستثمر الى اعادة الهيكلة المالية والادارية والتهيوء لمرحلة جديدة، اما اذا كانت الموجودات غير كافية يتم اللجوء الى قانون الافلاس دون المساس بحرية المستثمر، اي ان المستثمر مدين بأمواله لا في نفسه وحريته الشخصية. تغّيب قانوني الاعسار والافلاس تعرض المستثمر في الاردن فردا و/ او شركة والممثل لها ( بصفته الوظيفية) ليس فقط بفقدان موجوداته وضياع استثماراته، وانما الزج به في السجن ايضا، وعندها يصبح المستثمر والمسؤول مدين بماله واستثماراته ونفسه، وهذا شكل شديد الصعوبة والاجحاف وتعيد الينا صورة تاجر البندقية (شايلوك) الذي حاول استرداد ماله من المدين من ماله وجسده، لذلك نجد قرابة 90% من القضايا المنظورة امام المحاكم الاردنية مالية من شيكات وكمبيالات وغيره من المعاملات في اطار التجارة والاستثمار. هناك قوى ضغط مالية متنفذة تحول دون تمرير قانوني الاعسار والافلاس، لاسيما وان مشروعي القانون جرت مراجعتهما وتقديمهما للسلطات التشريعية وسرعان ما تطوى في ملفات النسيان، علما بأن هكذا تشريعات قادرة على تحقيق التوازن والعدالة في الاقتصاد وتنضج بيئة الاستثمار الى مستويات الجذب الحقيقي للمستثمرين محليا وعربيا واجنبيا.