الصكوك الإسلامية بين الفاعلية والتهميش
بعد انتظار طال امده لتنويع قنوات الاستثمار في السوق الاردنية، وتأسيس سوق للصكوك الاسلامية لتعميق سوق راس المال، وتحسين توظيف المدخرات في الاقتصاد الحقيقي لاسيما تلك التي يرفض اصحابها زجها في النظام المصرفي التقليدي ( الربوي)، اعدت وزارة المالية (نفسها ) لقطف مبكر لباكورة سوق الصكوك المنتظر، حيث تعتزم الحكومة اصدار صكوك اسلامية بقيمة 150 مليون دينار خلال ايام ، وتنوي استخدام الصكوك المرتقبة لسد جزء من عجز شركة الكهرباء الوطنية، الذي تقدره الحكومة بـ 5 مليارات دينار. خلال السنوات وربما الاشهر الماضية لم تدخر الحكومة اي جهد للاستدانة من السوق المحلية والاسواق الدولية بعملات مختلفة ..الدينار، الدولار، اليورو، الين الياباني..واقترضت من الجهاز المصرفي المحلي فقط أكثر من 12 مليار دينار تقريبا، في مزاحمة غير مسبوقة وغير صحية للقطاع الخاص، وعقدت ظروف التمول امامه. مراقبون ومستثمرون استبشروا خيرا ببدء صكوك اسلامية في السوق المحلية بما يوفر فرصا للحصول على تمويل وقناة جديدة تقدم خيارات في اقتصاد ارهقته غالبية البنوك جراء العمل بهياكل فائدة مصرفية مبالغ فيها، وتشدد ائتماني في غير محله، الا ان ( رياح الحكومات تأتي بما لا تشتهي سفن المستثمرين)، فالنظرة المالية الرسمية لا زالت على حالها احادية النظرة، فالمعضلة والندبة التي تلاحقنا في حياتنا واحلامنا ..هي عجز او/ خسارة شركة الكهرباء الوطنية، هذه الخسارة التي اصبحت فزاعة مضحكة مبكية، وينسى او يتناسى مسؤولو المالية الانخفاض العالمي لاسعار العالمي للنفط والمشتقات المختلفة والغاز المسال باكثر من 50% خلال الـ 15 شهرا الماضية، ورفع الحكومة اسعار الكهرباء بضع مرات خلال السنوات الماضية، وبلغت مستويات عالية ارهقت الاقتصاد والمستهلكين، وباتت تهدد استدامة استثمارات كبيرة في المملكة ضمن المخطط الرئيس للحكومة ..الاستحواذ على نشاط سوق الصكوك الاسلامية وبدأت تتحدث عن تنفيذ مشاريع راسمالية مختلفة بعضها ضروري وبعضها الاخر قابل للتأجيل، منها الابنية الحكومية والسفارات، وتقدر مصادر مالية السيولة الفائضة لدى البنوك الاسلامية في المملكة بأكثر من ملياري دينار، وتعتقد الحكومة انها اولى من القطاع الخاص في الحصول على التمويل، وهذا التصور يضع سوق الصكوك الاسلامية الاردني -الذي لم يرَ النور بعد- في مسار محدد، يفقده المساهمة الحقيقية في تسريع وتائر الاستثمار في مختلف القطاعات. قد يرى البعض ان اقدام الحكومة على الاعتماد على الصكوك في تمويل جانب من البرنامج الراسمالي من شأنه أن يُسرّع انضاج هذه السوق، الا ان المخاطر الكامنة في اقصاء القطاع الخاص عن سوق الصكوك الاسلامية، ويضعفها في السنوات القادمة …وقد يخرجها من الاقتصاد ويجهض التجربة.