0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

الحج أيام زمان

كلما إقترب موسم الحج تعود بي ذاكرتي إلى بداية الخمسينات عندما كنت طفلاً صغيراً وقد إصطحبني والداي معهم إلى أم الحيران جنوب عمان برفقة أعمامي وأقاربي لوداع جدي لوالدي الذي كان ينوي السفر لأداء فريضة الحج إلى مكة المكرمة، كان الحج في ذلك الزمن رغم مشقته ومخاطره يخلو من تعقيدات هذه الأيام مثل التسجيل المسبق وإشتراط العمر ووجوب الحصول على الفيزا وغير ذلك من الأمور التي فُرضت للحد من أعداد الحجاج، كان الأهل والأقارب يتوافدون يومياً لوداع الحجاج قبل موعد سفرهم بإسبوعين ويقدمون للحاج الهدايا مقرونة بالدعاء له أن يحفظه الله ويهون عليه سفره وذلك لصعوبة السفر إلى الديار الحجازية  في ذلك الزمن، وقبل موعد السفر كان الحاج يزور جيرانه طالباً منهم المسامحة .
كانت نقطة تجمع حجاج عمان في أم الحيران ومنها ينطلق الحجاج في رحلتهم الشاقة إلى الديار الحجازية وسط الأهازيج والزغاريد وأصوات الطبول والدفوف ولا أنسى سحب الغبار والأتربة التي تثيرها الشاحنات والخيول والتي كانت تملئ سماء المنطقة وتحجب الرؤيا أحياناً .
مع حلول عقد الأربعينات من القرن العشرين، توقف الحج فوق ظهور الجِمال من الأردن. وتحول الحجاج إلى استخدام الشاحنات في قوافل الحج الجماعي، ومع اقتراب موسم الحج، كان يجري إعادة تأهيل صناديق الشاحنات، عن طريق وضع صفوف من الكراسي الخشبية المثبتة في أرضية الشاحنة، ثم يُفصل الصندوق بمستوى يقل عن طول الحاج، وذلك لإنشاء طابق ثانٍ لحمل الأمتعة والخيام والفراش وأدوات الطبخ، طبعاً الشاحنات من الأنواع القديمة مثل المرسيدس، دودج، بيدفورد، وهنشل . بمجرد إنتهاء مناسك الحج يبدأ الحجاج العودة إلى ديارهم ويجري إستقبالهم في نفس المكان وسط الأهازيج الدينية وقرع الطبول والدفوف، وتجري مرافقة الحجاج في مواكب من السيارات إلى منازلهم المزينة بأقواس النصر من سعف النخيل وأفرع من أشجار الغار والكينا وحبال الإنارة والأعلام وبمجرد وصول الحجاج إلى منازلهم ُتذبح الخراف لهم حمداً لله على سلامتهم، وفي نفس الليلة توزع على المستقبلين التمور والزمزم  والهدايا مثل المسابح والبخور والعطور والتمور والألعاب للأطفال .
رغم المشقة والمخاطر الكثيرة لرحلة الحج إلا أنه كان لها بهجة وفرحة كبيرتان يحق بعدها للشخص أن يضع بفخر لقب الحاج قبل إسمه للإشارة إلى أنه أدى مناسك الحج