اللي شبكنا….
خلف طاولة بشراشف بيضاء مهدبة وميكروفونات متنوعة الأحجام والأشكال، وكاسات ماء مثلجة ، جلس الرجل الحكيم وسط مجموعة من الشباب الذين كانوا يشاركون في المسيرات والاعتصامات ويقلقون الحكومات. تنحنح الرجل ، وبعد السلام والكلام ، شرع في محاولة ادارة حوار مع الشباب المتمرد، وبدأ يستعرض جميع ادوات التاريخ التي تطالب الناس بعدم التمرد على الحاكم الظالم، مهما كانت درجة ظلمه وفساده وإفساده. فلم يحاوره احد، وفي ذات الوقت لم يلحظ اي اقتناع في وجوه الشابات والشباب. حوّل الرجل الموجة على الأمثال والحكم الشعبية، وشرح يشرع ويفصل في كل المقولات التي تدعو للرضوخ: -امشي الحيط الحيط وقول يا رب السترة. -الكف ما بناطح مخرز. -للجدران اذان وعيون. -الإصلاح يأتي عن طريق اصلاحك لنفسك ولأسرتك. -اترك الخبز لخبازه ولو اكل نصه، ولا تتدخل بالسياسة. ولم يلحظ الرجل اي انتباه او اكتراث من الشابات الشباب الحراكيين فيما يقول. استعرض الرجل العشرات من ابيات الشعر العربي التي تصب في ذات المجاري ، اتبعها بأقوال بعض من يسميهم بالعظماء ، ولم يأبه الشباب. لجأ اخيرا الى التشبيه الضمني ، وقال للشباب: -ديروا بالكوا على حالكوا…. تعرفون بالتأكيد أن السمكة التي تغلق فمها لا تستطيع السنارة ان تصطادها. هنا رفع احد الشباب الصغار اصبعه، فاستبشر الرجل خيرا، وقال: – تفضل يا ابني اسأل ما تشاء. قال الشاب: -سيدي المحاضر الكريم ..قلت بأن السمكة التي تغلق فمها لا يتم اصطيادها..صح. -نعم يا ابني ..وهذا يعني ان على الشباب …………… قاطعه الشاب قائلا: -لكن يا سيدي …حتى لو اغلقت السمكة فمها ، فهم يستطيعون اصطيادها بواسطة الشبك..اليس كذلك؟. يقال بأن الرجل المحاضر انتقل من هناك – او بالأحرى نقلوه- الى مستشفى المجانين.