العجلوني يكتب..الحياة مراحل؛ ابدا من اي مكان وزمان انت فيه ، وليكن هدفك السعي نحو حياة افضل
وكالة الناس – كتب. د يوسف العجلوني – الايام تجري ، والحياة تتبدل ، والناس من حولك تتغير ، وقد يتغير العمل والسكن والمكان وكل شيء ، لأن القاعدة الاساسية في الحياة ان لا شىء يبقى على حاله ، والديمومة فقط لله جل وعلا ، لذلك في مراحل الحياة المختلفة ممكن ان نتقدم للأمام وممكن ان نجد عثرات وقد يكون هنالك نجاح وسعادة وقد يكون هنالك فشل وخيبة امل.
التغيير من مرحلة الى أخرى قد يكون صعبا” جدا” اذا كنت تعيش بنمط واحد وتتوقع احتمالا” واحدا” فقط ، وهنا يبدا الشعور برفض هذا التغيير والتمسك بالقديم والعيش بذكراه وايامه ومحتواه ، وهذا يمنعنا من العيش المريح ويقلل من الامل في المستقبل.
المعاناة والظلم ، وطبيعة وصعوبة الأحداث ، وسؤء من تعاملت معهم في مرحلة ماضية او اتخاذك قرارات سابقة غير موفقة هي من العوامل التي قد يكون لها اثارا” سلبية تبقيك في دوامة التفكير والخوف من
تكرار الاحداث ، ولكن تذكر انك انت صاحب القرار والقوّة في تخطّي المرحلة السابقة ، وهذا يعتمد على شخصيتك وذكائك وقدراتك ، ويجب عليك أن تبدا بالخطوات الفعلية للتقدم نحو الأمام لاختيار الافضل لك ، وهذا يتطلّب نظرة” مستقبلية واصرارا” فعليا” على الاستمرار والنجاح.
يجب ان تقوم بإعادة تقييم جديد لما انت فيه ، حيث يتم التخلي عن بعض المعتقدات التي كنت تتوقعها صحيحة ، وكذلك لا بدّ من تغيير التفكير بما يتعلق ببعض القيم ، فربما يكون من الصعب جدا” وجود العدالة في الدنيا ، مع الابقاء على كل ما يخصك من ثوابت عائلية واجتماعية ودينية.
يجب ان يكون لديك القناعة والايمان ان الثابت في الحياة هو التغير.لذلك يجب ان تصنع افكارا” وخططا” من شأنها أن تدفعك نحو الانتقال الى المرحلة الجديدة ، حيث انك الان ستحدّد لنفسك هدفاً وتعمل بجد ونشاط من اجل تحقيقه.
قم بانهاء كل العلاقات والممارسات التي لا تناسبك والتي كنت تتوقع انك مجبر عليها ، واجعل الايام القادمة تحت سيطرتك انت فقط ، وفي المسار الذي يسهل حياتك وكما انت ترى ، ضمن الضوابط التي تتفق مع مصلحتك وراحة بالك ، ولا تهتم لسماع اي راي آخر لا يناسبك ، فلن يكون أحد مكانك و لن يعيش احد بشعورك ليفهم ما هو افضل لك ، ولا احد يسنطيع ان يفهم احاسيسك ومعاناتك وخاصة في الازمات والمرض ، لذلك ركز على نفسك وحياتك ومتعتك وصحتك.
الان ، وانت بهذا العمر والخبرة ، لا تسعى إلى تغيير وقائع لا تهمك ، ولا تغيير نفسيات الاشخاص من حولك ، ودع الخلق للخالق ، انت الان ذو عقل راجح وقادر ان تستخدم الحكمة والتطنيش والنسيان وتستطيع الان ان تعيش بطمأنينة وصفاء وأقلّ آلما” وتفاعلا” مع الاحداث.
لا تعيد اي تجربة فاشلة ، ولا تعمل مع الفاشلين والانذال والحمقى ، فذلك يتبعه التعب والمعاناة ، ولا تفكر باي مكان يكون مسوؤل فيه عنك الاغبياء ، فالعمل بمؤسسة عامة كانت خدمة عندما كنت بحاجة ولم يكن امامك خيارات اخرى ، قلبك واعصابك الان لا تتحمل ما تحملته سابقا” ، التفكير بمناصب للمرة الثانية هو قمة الغباء وتضيع للوقت ويدل على انك غير قادر على ادارة نفسك ، وهذا يبقيك في دائرة صغيرة وافق محدود ، وسيؤثر ذلك على جميع نواحي حياتك سلبيا.
اترك الأمور التي تتعبك ، ونقي نفسك من الحقد والضغينة ، فكل شيء سيأتي في وقته ، وانت قادر في الوقت المناسب ان تعمل ما يحلو لك ويريح بالك دون تخطيط ، لا تنسى من ظلمك ، واذا جاءت الفرصة للرد ، لا تدع شيئا” بخاطرك مهما كانت النتائج ، وارمي بعدها الحدث وراء ظهرك مباشرة” ، خذ حقك ولو بعد حين وذلك ميزان وحق وعدالة لردع المعتدي ومنعه من تكرار التصرف في المستقبل مع غيرك ، المسامحة في بعض الاوقات ولمن لا يستحق هي سماح له بالتمادي ، وذلك أمر غير مقبول حفاظا” على أمان المجتمع وحقوق الناس من الضياع.
توقف عن محاولة إرضاء الجميع ، فلا يمكن إرضاء الناس جميعا” ، ولا تعود وتدخل في حياتك أشخاصا” جدد الا بدراسة صريحة وواضحة مع نفسك وعائلتك ، فانت في عمر ممكن ان تتعبك التجربة ، ولا وقت للاستفادة من تجارب جديدة.
ابقي التواصل مع الاشخاص المقربين الذين يحبونك وتثق بهم ، وممكن ان تتحدث معهم عما يخطر ببالك ، وستجدهم يبادلونك مشاعرهم وخبراتهم المشابهة التي مروا بها و التي ممكن ان تنفعك في هذة المرحلة الجديدة.
انظر للمرحلة السابقة بمحبة وقناعة ، انسى بعض ايامها واسخر من بعضها واستفد من خبرتك فيها ، واعتز وافتخر بما حققت في كثير من الاوقات ، الحاضر هو كل ما تملك الان ، لذلك عيشه بكل التفاصيل وكما هو ، واعمل من خلاله.
نظم وقتك واملأه بالعمل ، استيقظ مبتسما” انك بخير ، أخلق أجواء” سعيدة وتمتع قدر المستطاع ، استمع للموسيقى ، شاهد الشمس عند إشراقها ، احتسي قهوتك بالطقوس التي تحبها ، اعمل أي شيء يشعرك بالفرح مهما كانت الظروف وحتى لو كنت بمفردك ، وتعود ان تعيش باي مكان وبما تملك دون النظر لما يفعله او يمتلكه الاخرون.
عدم الاستعداد للتغير من مرحلة الى مرحلة ، قد يدخلك في حالة قلق واكتئاب ، وبالتالي تصبح حياتك صعبة وهذا يدخلك في مشكلات صحية ونفسية ، لذلك يجب التخطيط للقادم وكانه يحدث الان.
مرحلة التقاعد مثلا” هي كما تراها وتعيشها ، فهنالك من لا يحب التغيير ويعتبره النهاية ، وهنالك من هو جاهز له ويعتبره البداية؛ والحقيقة ان التقاعد مرحلة عمرية جديدة مريحة وممتعة ومميزة ، حيث تستطيع الجلوس مع نفسك كما تريد وتستطيع ان تختار الأصدقاء من كافة انحاء العالم ، ولست مرتبطا” بوقت او دوام او يوم او مكان او عمل او اشخاص ، وليس هناك داع للتزاحم في الطريق للوصول الى العمل ، وليس هناك مكان لتدخل الاخرين بما تقوم به ، وليس هنالك داع لعمل اي شي لا ترغب فيه ، انت الان تراقب نفسك ، لست مضطرا لتراعي امزجة الاخرين ، فالناس نفسيات وثقافات قد لا تناسبك ، التقاعد يعطيك وقتا” كافيا” وجميلا” تقضيه مع العائلة ، وقد يعطيك فرصة” مناسبة لإعادة تنظيم الكثير من أمور الحياة ، والقيام بأعمال وهوايات لم تسمح بها الارتباطات السابقة أيام الوظيفة. التقاعد بداية لحياة جديدة وانت باذن الله في هذه المرحلة باحسن الاحوال ولك من الاصحاب والنفوذ والمال والمعرفة ما يجعلك ويبقيك بهيبتك ووقارك.
الحمد لله الذي يختار لنا الانسب والافضل في الوقت المناسب ، فهو الذي يعلم الغيب ويعلم ما في الصدور.
واخيرا” ، لان الحياة مراحل ، عيشها كما هي وضمن ما يناسبك دون التعدي على الاخرين ، ودائما كن مستعدا للتغير ، وليكن لديك وقتا” خاصا” لنفسك لتفكر وتعيد النظر بكل شيء حولك من الناحية الروحية والنفسية والمادية ، ولتضع خططا” مختلفة للمستقبل والحياة ، وتذكر ان كل شي له بداية ونهاية ، فتوقع كيف ستكون النهاية وهل هذة المرحلة هي نهاية بداية ام نهاية نهاية.
د يوسف العجلوني
