استباحة المحرّمات!
نشهد في الفضائيات مشهد الدروع السعودية تتجمع في منطقتي: نجران وجيزان على الحدود السعودية – اليمنية، فيما تتجمع غيوم الحرب عليها، فهناك هجومات من الحرس الجمهوري اليمني واطلاق صواريخ سكود البعيدة المدى، واستهداف لمدنيي المنطقة!.
والحرب بين الدولتين العربيتين لم تعد محرّمة قومياً، وذلك بعد أن غزت الولايات المتحدة العراق بتحالف عربي. ولعل الحروب الأهلية في سوريا والعراق وليبيا واليمن ليست بعيدة عن المشاركات العربية، وعن مشاركات عربية متحالفة مع القوى الإقليمية: إيران وتركيا!.
ونقول دون التهويل الإعلامي الذي يجتاح المنطقة: لقد سقطت كل المحرّمات القومية العربية، والمحرّمات الوطنية: فهناك من يحارب أمته انصياعاً لأمر الولي الفقيه في طهران، وهناك من يحارب في ظل المذهبية التي عادت لتأخذ شكلها ومحتواها كما كان قبل أربعة عشر قرناً، وهناك من يجمع قبائل لها رابط عنصري، ويتدرج من الحكم الذاتي إلى الدولة!.
فالكيانات السياسية، وهي أصلاً استمدت «شرعيتها» من الانتداب البريطاني – الفرنسي، اعادت تثبيت هذه الشرعية باسم القومية العربية، وباسم الأمة العربية الواحدة، وباسم تحرير فلسطين، وشرعنت الحرب على ذاتها باسم مكافحة الإرهاب، وعلى شقيقاتها باسم حماية الديمقراطية والحكومة المنتخبة!.
الآن دخلنا المحرمات، وصارت نماذج الأشهر الحرم الجاهلية، سنوات حروب متصلة، فهناك ملايين العرب يهربون من الدمار.. ويقبلون جوع وعطش واذلال المخيمات.. فيما أمير الحرب يستبيح كل شيء ويتلذذ بالدم المسفوح.. ومشهد قطع الرؤوس، أو احراق الناس أحياءً، فالذي يستبيح المحرمات القومية والوطنية لا يهمه شيء: لا الشرف ولا النخوة، ولا الرجولة، ولا محبة أهله وقومه، ولا يهمه سعادتهم وأمنهم ورفاههم!.
كثير من الأردنيين، يتمنى أن يكون أردنهم قابل للحمل والنقل من هذه المنطقة إلى حيث تتعايش الشعوب، وتتعاون في ظل السلام والاستقرار. فالأردنيون هم الذين يعرفون معنى وقيمة الوطن الموحد، المستقر، الناهض.
للذين شرعنوا المحرمات العربية والإسلامية، أن يحاربوا كما يشاؤون، لكننا نتمنى أن لا يرفعوا فوق مستنقع الدم رايات العرب، وشعارات الوحدة والتحرر والتقدم. وأن يتوقفوا عن الشعر العربي.. فلا مانع من شعر الفردوسي الإيراني، أو أي شاعر تركي، أو أميركي، أو فرنسي.
– لم تعد هناك محرمات قومية أو وطنية؟.
– إذن لم يعد هناك.. وطن!.