تحدي القانون وشماعة ضعف التنمية
موضوع تنمية المحافظات , وخصوصا الجنوبية ليس جديدا , و الاهتمام الزائد بها لم ينقطع لكنه يرتفع كلما علا الصوت , ويزيده ربطه الهش بالمشاكل الأمنية حرارة ليعود بالنقاش حوله الى المربع الأول.
لم تخل موازنات الحكومات المتعاقبة منذ عام 89 من إنفاق كبير خصص لتنمية المحافظات حتى الخطط والبرامج المساندة حفلت بعدد كبير من المشاريع التي خصصت لها وبالرغم من ذلك تسارع أصوات كثيرة الى طرح إشكالية التهميش وتقديم فشل التنمية الإقتصادية قربانا على مذبح المشكلة الأمنية.
في غياب تقييم موضوعي وعلمي يجيب عن سؤال التهميش وغياب العدالة تورطت الحكومات في ضخ مال بمشاريع غير لازمة , دون أن تقوم بدراسة علمية مقارنة ترصد حجم وشكل الإنفاق رأسمالي وجاري في المحافظات والمدن والقرى , مع ما تحقق على الأرض , لتحديد الاحتياجات الفعلية.
لا تزال الأحكام العامة صفة لتحديد إشكالية فشل التنمية , فيما تخفق الخطط مجددا في ربط الأرقام بمستوى حياة المواطن لكن مثل هذا الطرح سيبقى بلا مضمون إن لم يستند الى الإحصاءات الدقيقة.
لتنمية المحافظات، أسست الحكومة صندوقا خاصا رصد له 150 مليون دينار , ووضع له إطار قانوني وصممت اجراءاته التنظيمية والتنفيذية , ثم توقف الحديث عنه ؟.
كان يفترض بالصندوق أن يتلقي طلبات تتضمن أفكارا يعتقد أنها متميزة لإقامة المشاريع بشراكة مباشرة مع الحكومة , لكن ذلك لم يحدث وإن حدث فأين هي المشاريع ؟.
الصندوق بدأ عمله فعلا , ومول عددا من المشاريع , لكن كانت هناك ملاحظات على طريقة عمل الصندوق , كي لا يصبح نسخة مكررة لصندوق التنمية والتشغيل الذي يعمل بذات الطريقة , وكي لا يكون نسخة لصندوق المعونة الوطنية , عندما يبذل مالا لا يستطيع استرداده.
في ظل الحراك وبعده ظلت شعارات تتردد حول فشل برامج التنمية في المحافظات , لافتقارها أهم عناصر النجاح وهو إشراك أبناء المناطق في وضع الخطط بحسب احتياجاتهم , فالإنفاق الكبير لم يكن يذهب الى مشاريع إنتاجية توفر فرص عمل لكن الأهم هو أن جاهزية أبناء تلك المناطق كانت ضعيفة لأن قبول العمل المهني والمبادرة لا تزال تواجه صعوبات مجتمعية.
بدلا من إطلاق الأفكار ينضم ممثلو المحافظات والمدن والقرى وكبار المسؤولين وصغارهم في الحكومة ومجلس النواب والأعيان الى الشكوى, وهم من يفترض أنهم الشركاء التنفيذيون والمخططون والمشرعون في صنع القرار.
قوانين الإنتخاب أتاحت للمحافظات والمدن وللمناطق البعيدة عن المركز أو تلك الأقل حظا تمثيلا مناسبا إن لم يكن واسعا , فإن لم يتمكن هؤلاء الممثلون نقل الصورة وإحداث التغيير المطلوب في برامج التنمية , فالمشكلة حتما في التمثيل.