الفرح
أجلس يوميا , كي أكتب ..وتلعب السيجارة بين أصابعي , وأحاول أن ابحث عن فكرة لمقال , ..أتردد ثم اشطب ثم أبدأ …وتدرك في داخلك أن ثمة دماغ تعب من لم يعد شابا , ولم تعد الكتابة تستهويه …
أقلب المواقع الأخبارية :- سيدة تداهمها أفعى والدفاع المدني يتدخل لقتل الأفعى … القبض على خلية من داعش , مقتل شاب طعنا بسكين , وزير مقال غادر لكندا ..وفاة شخصين بحادث على الصحراوي , إنتحار قاصر في عمان , شاب يطلق النار على نفسه بالخطأ ويموت , جراح ينسى موبايل في بطن سيده …
تقول في داخلك ..سأشاهد التلفاز عله يعرض شيئا أكثر تفاؤلا …وحين تدير القرص على المحطة الوطنية , يظهر لك طبيب والتعريف بإسمه هو :- الدكتور فلان ..إستشاري أمراض السرطان , ثم يبدأ يتحدث عن التدخين وعلاقته بسرطان الحنجرة وكيف أن نسب الوفاة إرتفعت …فتعيد غلق التلفاز ..
تغادر منزلك , وتشاهد مجموعة من السيارات إصطفت في العمارة المقابلة , فتسأل الحارس فيجيبك بأن جارك قد مات , وتتذكر أنك قبل يومين فقط كنت معه وكان يتحدث عن المستقبل ..ودراسة البنات .
وفجأة تصلك رسالة عبر الموبايل , وتخبرك الشركة , أنها فصلت هاتفك بسبب تراكم الفواتير , وعليك دفع (122) دينارا لها …
تركب سيارتك وتغادر , وفي الطريق …حين تقف على الإشارة , يصدمك تكسي من الخلف , وحين تنزل لتتفقد الأضرار يبدأ السائق بالشكوى …ويخبرك أنه ليس مالكها ويجب الإنتظار من أجل حضور الشرطة , ثم يندب الحظ …
هل نحن شعب إحترفنا إنتاج القلق أم أن الحياة هكذا , وعليك أن تقبل بأن يأتيك الحزن مع كل زفرة هواء ..حين تصحو من نومك .
ثم تمضي …وحين تصل إشارة وادي صقره , تشاهد صورة الملك …وتتذكر أنك قرأت خبرا عن معان أول من أمس, وكيف إحتفل الناس هناك …وتتذكر أن قرارات مفصلية إتخذت بإقالة مجموعة من المسؤولين …وتتذكر أيضا بأن هناك من ينتج الفرح في هذا الوطن بالرغم من حجم الحزن الساكن ترابه ….الملك حين تشاهد صوره المنتشرة في عمان , وترى وجهه ..تدرك في لحظة , بأن الفرح لم يغادر هذا الوطن أبدا ..