وقفات احتجاجية
الوقفات الاحتجاجية لم تستثن أحدا من القطاعات الإقتصادية والشعبية فبعد المقاولين ها هم مستثمرو الاسكان يحتجون وكان قبلهم العشرات من سائقي التاكسي سلكوا ذات الأسلوب فهل معنى ذلك أن لغة الحوار منقطعة؟
لم تستطع أي من القطاعات التي توقفت للإحتجاج إيصال صوتها أو أنها لم تقنع الطرف الآخر به في غرف الإجتماعات المغلقة، فدفعت به الى العلن عبر الإحتجاج، والهدف هو ضمان وصوله الى طرف ثالث على أمل الاستجابة والتدخل بالتوصل الى حلول.
اللجوء الى الوقفات الاحتجاجية أو الاعتصامات يأتي لقناعة راسخة بأن حل المشاكل وجد طريقا مسدودا، فالثقة بالمسؤول الذي يتحول الى خصم قد أصبحت معدومة.
بالنسبة لعامة المواطنين، مثل هذا الأسلوب يأتي في سياق طبيعي منسجم مع الاعتقاد بأبوية الدولة ونمطها «الرعوي» لكنه ليس طبيعيا عندما تقوم به شخصيات سياسية وإقتصادية ورجال أعمال ومستثمرون وشركات.
لجوء أكثر الشرائح إيمانا بالمؤسسية وبدور الوزارات والمؤسسات الى الإحتجاج العلني في الميادين أو مقرات الجمعيات والنقابات، لا يعني أن قضاياهم ليست عادلة فهم أكثر الناس دراية بالقوانين وتقديرا لعدالة قضاياهم، إنما يعني فقدان الثقة في هذه المؤسسات، ويعني كذلك عدم قدرة هذه الشرائح الهامة إيصال صوتها الى المسؤولين الذين لا يبدون تفهما في بعض الأحيان وفي معظم الاحيان يترددون في الإنتصار لمثل هذه القضايا خشية الإتهام بالمحاباة أو بالإنحياز لكن الأخطر هو الشعور بأن الطرق مسدودة، أو أن المسؤول تحول الى خصم.
مؤخرا كثرت الاحتجاجات وإعلانات التظلم من شركات ومستثمرين في ظاهرة لا يجب تجاوزها، فهل خطوط الإتصال بينهم وبين المسؤولين مقطوعة، أم أن القناعة بقدرة هؤلاء المسؤولين على ابتكار الحلول معدومة أم لأن المسؤول سد كل الطرق أمام الحلول، وفي مقدمتها الإحتكام الى القوانين.
عندما يعتقد المسؤول أن قراراته مقدسة وأن رؤيته هي عين الصواب هنا تقع المشكلة، لكن الغريب أن تمسكه بهذه الهالة سرعان ما يتساقط مثل ورق الخريف عندما يستجيب الى هذه الاحتجاجات من طرف ثالث.