الفتاوى تصل ملاعب الكرة
تجد فتوى حرمة نظر المرأة الى مباريات كرة القدم استساغة لدي بحكم انقسام اسرتي كرويا وانحياز سيدة المنزل الأولى الى فريق “برشلونة” رغم أنني من عشاق “ريال مدريد” , وأجدني اقرب الى استثمار الفتوى لصالحي ومنعها من متابعة مباريات الفريق المنافس وتحفيز ابنائي عدي وفرات على مماحكتي والتعبير عن فرحهم بأهداف اللاعب الأرجنتيني “ميسي” علناً، دون توقير لغضبي من خسارة فريقي المفضل , فهما من انصار برشلونة والوحدات في حين أن مؤاب يشاطرني تشجيع ريال مدريد والفيصلي . الفتوى المنسالة الآن برخاوة مثل انسيال الفضائيات على قمر النايل سات حملت معها دلائل مضافة على تراجع الأمَّة وانحدار مستوى تفكيرها الى ما دون الركبة , وأظهرت العقل العربي برمته بأنه عقل غرائزي . قبول الفتوى أو رفضها الآن محكوم بالموقف المصلحي منها , ففي الوقت الذي يهرب فيه رجال الدِّين عن مواجهة الواقع المعقد اقتصاديا وسياسيا ودينيا , يقبع شيوخ الفضائيات في مربع الفتوى العابرة للحدود والتي تغذّي ثقافة التهافت وتغري كثيرين بالمتابعة , وتبقى المرأة الأكثر شهوة للفتوى والشيوخ، بحكم عوامل نفسية شديدة التعقيد يعيشها شيوخ الفضائيات وشيوخ المجالس , فهم غرائزيون بمجملهم ولا يجدون فسحة للتعبير عن تهويمهم الفكري وعقدهم الجنسوية الا الفتاوى المختصة بالمرأة بمحيطها الجسدي وليس بواقعها الانساني كإنسانة مهضومة الحقوق . فالمصلحة من الفتوى هي جواز عبورها الى الناس وليس شرعيتها ومشروعيتها , فواقع المرأة يحتاج وقفة من رجال الدِّين يؤكدون فيه انحيازهم الى الشرع وليس الى المصلحة ويؤكدون فيها مشاركتهم بمعركة التنوير وليس الى مطاردة الشعبوية الغرائزية , فمعظم دور الإفتاء ومحترفي الفتوى صمتوا مثلا عن المادة 308 التي تُبيح للمغتصب الزواج من الفتاة التي اغتصبها واسقاط العقوبة عنه , وأحدهم قال لي ذات حوار: “ الأمر ابتدأ بجريمة الزنا وانتهى بالزواج وبالتالي تسقط العقوبة “ , تاركا الصمت للإجابة على الآثار النفسية والاجتماعية . كذلك صمت رجال الإفتاء عن مخالفة الشرع في جرائم الشرف التي تخالف أحكام النص القرآني , وهرب رجال السياسة في الأحزاب الدينية عن المشاركة في تظاهرة لوقف سفك دماء فتيات بعمر الورد لمجرد الشك , وكثيرا ما يتم قتلهن لأمور لها علاقة بالميراث , كذلك هرب ساسة من العيار الثقيل عن مواجهة هذا الأمر , ما يؤكد أن الفتوى تحصل على تأشيرة المرور إذا وافقت السائد الرسمي والاجتماعي وليس بحكم موافقتها للشرع والشريعة , وانشغل الإفتاء بالقشور وتلبية المصالح السلطانية للمجتمع الذكوري حتى فقدت كثيرا من مهابتها، فاتحة المجال للتطرف كي ينمو ويزدهر . الدِّين جزء رئيس من التكوين البشري ثقافيا واجتماعيا , وهو أول فضاء يتحرك فيه الانسان واصلاحه يقف على رأس اولويات الاصلاح , ورأينا كيف أن غياب الاصلاح الديني فتح المجال لتهافت المجتمعات وتناقضاتها بحيث بات المجتمع يعيش تناقضات هائلة وهو يرى سيل الفتاوى فيختار ما يلامس مصالحه ويحققها , فالإرهابي القاتل بات مسلّحا بفتوى تبيح له إرهاب الناس وترويعهم وكذلك التاجر والسياسي وباقي مفاصل الحياة العامة باتت محكومة بنصوص تيّسر المصلحة الفردية وتشرعن الافتئات على حقوق البلاد والعباد –