عاجل
0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

التكامل الوطني في زمن المحاصصة والمساومة

كثير من القرائن تدلل على أن الحكومة العراقية لا تمتلك النية الحقيقية للتقدم في مناطق العشائر السنية، فمن ناحيته يبدو الحشد الشعبي غير متحمس لخوض معارك واسعة النطاق بعد تكريت، والجيش العراقي لا يمتلك القدرات الكافية للدخول في هذه المواجهة، الحشد يعمل على تكريس الأمر الواقع وتكريس مفهوم أمني للمناطق الشيعية، وبحيث تكون مهمته حمايتها، دون أن يضطر لتكبد خسائر كبيرة في الاستحواذ على المناطق السنية.
بدورها، تبدو الحكومة العراقية أيضا غير متحمسة على مزيد من التعويل على الحشد، خاصة لاحتمالية أن يؤجج ذلك عمليات انتقام واسعة يمكن أن تمنح الصراع وجها طائفيا صريحا، يعطي لداعش بالتالي دفعة معنوية كبيرة.
الجبهة السورية من طرفها بدأت تعمل على التموضع من جديد، وبحيث يكون هدفها الحالي تأمين المناطق العلوية، تجاه دولة علوية في مرحلة لاحقة، خاصة أنه هذه الدولة، لو تشكلت، ستشرف مباشرة على حقول الغاز في المتوسط.
من الأنبار إلى الرقة، على امتداد نهر الفرات، ستنشأ منطقة من الفراغ المرعب من الناحية الاستراتيجية، وإذا كانت الجغرافيا الطبيعية ستلعب دورها في تحديد نقاط التماس وحدوده مع الوجود العلوي والكردي، بينما سيكون توازن الرعب (الإجرامي) ممتدا على طول المواجهة مع المنطقة الشيعية، وستكون مناطق بادية الشام تجاه حوران هي الجبهة الهشة للوجود غير محدد الملامح الذي يمكن أن تفرزه التطورات الميدانية.
وصف غير محدد الملامح يحمل درجة من الخطر، ويثير قدرا أكبر من التوجس، فلا يمكن مبدئيا الوقوف على قدرات ذلك الوجود، ولا التنبؤ بأهدافه ولو لعدة أشهر قادمة، ويتوجب التعامل معه بصورة مبكرة دائما، كأي تمدد سرطاني.
لو افترضنا أن تغاضيا عالميا سيجري على أساس تمرير هذه الفجوة في المنطقة، فإن الأردن يجب أن تقف ضد العالم بأسره وترفض ذلك الوجود، فالطبيعة التمددية هي في صلب تفكير الجماعات التي تسعى للسيطرة على الأرض المحروقة اليوم بين سوريا والعراق.
اليوم يهرب الجميع من تيتانيك المنطقة التي اصطدمت بجبل الجليد منذ فترة ليست بعيدة، وقوارب النجاة كأي سفينة في العالم محدودة، والتفكير بصورة جماعية يبدو أنه متعذر تماما، فقمة شرم الشيخ لم تخرج بشقاقات كبرى، ولكنها وضعت احتمالية مستمرة لحدوث الشقاق في مرحلة لاحقة، ولذلك يجب أن يعلن الأردن عن أجندته الخاصة وبحيث تصبح متاحة لمن يتلاقى معها في بند، ومن يدعمها من أي طرف، أما أن يجري العمل وفق أجندات الآخرين فإن ذلك سيفضي للبقاء متأخرين بخطوة على الدوام، وهذه الخطوة ستعني الالتصاق بالجدار.
المطبخ السياسي الأردني منفتح على كثير من الاحتمالات، وبعضها يحمل تكلفة كبيرة في المدى القصير، إلا أنه يتوجب على الفاعل السياسي أن يعرض رؤية بعيدة المدى، وأن يسقطب حولها الإجماع الشعبي، وذلك يتطلب تجانسا بين الحكومة والبرلمان والإعلام، ويبدو أن هذه الأطراف اليوم أبعد ما تكون عن بعضها البعض، والبيئة العامة غير مهيأة لتقريب وجهات النظر، أو حسم الملفات العالقة، ويفتح ذلك الباب أمام احتمالات تدخل لإعادة ترتيب المشهد والتخلص من توتراته، وعلى الحكومة والبرلمان أن يدركا بأن الوقت ليس مناسبا من أجل المناورات الموسمية لإجراء المحاصصات والمناقلات في الصفوف، أما الإعلام فإنه يبقى في مواجهة مشكلته المزمنة دون حلول في الأفق