غموض حول مصير البحيري.. والسلطات التونسية تلازم الصمت
وكالة الناس ــ تسيطر حالة من الغموض حول مكان تواجد النائب التونسي نور الدين البحيري، وكذلك وضعه الصحي في أعقاب نقله إلى أحد المستشفيات، فيما لم تعلق السلطات الرسمية على الواقعة.
ومساء الأحد، رفضت المحامية سعيدة العكرمي، زوجة البحيري، توقيع وثيقة اشترطتها السلطات الأمنية مقابل السماح لها بزيارة زوجها في المستشفى، إثر تدهور حالته الصحية.
وتوجهت هيئة الدفاع عن نائب رئيس حركة “النهضة” إلى المستشفى الجامعي الحبيب بوقطفة في ولاية بنزرت شمالي البلاد، بعد ورود معلومات عن احتجازه بالمنطقة، فيما طوقت قوات الأمن التونسي المكان ومنعت المواطنين من الدخول إلى المستشفى، أين كان البحيري يتلقى العلاج.
وقررت السلطات الأمنية السماح لزوجة نور الدين البحيري، بزيارته في المستشفى، برفقة طارق العريبي، رئيس الفرع المحلي لهيئة المحامين التونسيين، بشرط توقيعها على وثيقة لم يطلعوها على فحواها.
في المقابل، رفضت المحامية التوقيع على الوثيقة من حيث المبدأ، وغادرت الولاية من دون زيارة زوجها.
ولم يتسن على الفور الحصول على تعقيب من السلطات.
والبحيري (63 عاما)، محام وسياسي، وشغل منصب وزير العدل بين عامي 2011 و2013، ثم أصبح وزيرا معتمدا لدى رئيس الحكومة بين 2013 و2014. كما ترأس البحيري كتلة النهضة البرلمانية خلال الدورة التشريعية 2014-2019، قبل أن يصبح نائبا لرئيس “النهضة” راشد الغنوشي.
ومساء الأحد، دعا راشد الغنوشي، رئيس البرلمان المُجمد رئيس حركة “النهضة”، رئيس البلاد قيس سعيد إلى الكشف عن مصير “البحيري” و”تمكين فريق طبي وحقوقي من زيارته والاطّلاع على وضعه، والتعجيل بإطلاق سراحه”، وفق بيان لرئاسة البرلمان.
وقال: “تبعا لحادثة اختطاف الاستاذ نورالدين البحيري وعدم الكشف عن مكان احتجازه منذ صباح الجمعة 31 كانون الأول/ ديسمبر 2021، وما يروج حول تعكّر وضعه الصّحي بما يمثّل تهديدا جادا لحياته، فإنّ مسؤوليتكم تقتضي الكشف عن مصيره وطمأنة أهله والرأي العام حول سلامته”.
وطالبه بـ”تمكين فريق طبي وحقوقي من زيارته والاطّلاع على وضعه”، داعيا رئيس البلاد إلى “التعجيل بإطلاق سراحه”.
وأضاف: “ولا يفوتنا التّذكير بياننا السّابق في الغرض الرّافض للإجراءات غير القانونية التي اتّبعت ضدّه وضدّ عدد آخر من النواب وإدانتها”.
كما حاول الغنوشي الاتصال بالرئيس سعيّد لمطالبته بالإفراج عن البحيري والكشف عن مصيره، إلا أنه لم يجب على مكالمته، بحسب ما كشفه القيادي في النهضة رياض الشعيبي لـ”عربي21″.
وتتهم “النهضة” عناصر أمنية بلباس مدني بخطف “البحيري”، واقتياده صباح الجمعة إلى جهة غير ملومة، وفق بيان للحركة.
وفي وقت سابق، أعلت وزارة الداخلية التونسية أنه تم “وضع شخصين قيد الإقامة الجبرية”، دون الإعلان عن هويتهما أو مكان تواجدهما.
وإلى حدود صباح الاثنين، لم يصدر أي تعليق رسمي من الجهات الأمنية التونسية بخصوص مكان تواجد البحيري أو وضعه الصحي.
وتشهد البلاد أزمة سياسية، حيث بدأ الرئيس التونسي قيس سعيّد سلسلة من التدابير الاستثنائية منذ 25 تموز/ يوليو 2021، حيث أعلن تجميد اختصاصات البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه، وإلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وترؤسه للنيابة العامة، وعزل الحكومة وتعويضها بأخرى غير مصادق عليها من قبل البرلمان.
وفي 22 أيلول/ سبتمبر من العام الماضي، قرر سعيّد تعليق العمل بأغلب فصول الدستور، فضلا عن مواصلة تعليق أعمال البرلمان وإلغاء الامتيازات الخاصة بأعضائه، وتعطيل عمل بعض الهيئات الدستورية.
وتعمقت الأزمة السياسية بتونس بعد إعلان الرئيس، في 13 كانون الأول/ ديسمبر 2021، تنظيم انتخابات تشريعية وفق قانون انتخابي جديد يوم 17 كانون الأول/ ديسمبر 2022، وعرض مشاريع تعديلات دستورية لصياغة دستور جديد على الاستفتاء في تموز/ يوليو القادم.