رسائل داعش
هل يعتبر تفجير , طريبيل رسالة من داعش للأردن ؟ …هكذا قرأت , فبعض الكتاب تعاطوا مع الأمر على أنه رسالة , للأردن ..وفتح جبهة جديدة معها .
منذ أن وجدت (داعش) والكل يتعاطى مع ما تفعله في إطار الرسالة , ولم يتعاط أحد ابدا , في أن ما تفعله (داعش) في سوريا والعراق , هو في إطار غياب الدولة وغياب المؤسسات الحقيقية , وبالتالي عدم وجود جيوش نظامية ..تقاتل هذا التنظيم فالعصابات في بغداد تستطيع أن تفجر , تماما كما هم قطاع الطرق في سوريا …
ولو كانت داعش , تملك القوة , أو تملك القدرة على تصدير نشاطها للأردن لما توانت , ولكنها تقترب من الحدود وتفجر ثم تعود …
هنا الأمر مختلف , ففي الأردن الدولة قائمة , والجيش منضبط وقوي …والدبابات (الخردة) التي غنمتها داعش من الجيش السوري , لن تكون ذا فائدة ترتجي والبكمات , المزودة بالرشاشات الثقيلة , والتي لم تواجه حملات جوية بالمعنى الحقيقي , أجزم أنها ستكون ….وبالا عليهم … في حالة اختاروا المواجهة مع الأردن .
الأمر الاخطر من كل ذلك , هو أن هنالك فارق بين السلوك الإجرامي والرسالة .. فتفجيرات طريبيل ,تحاكم في إطار السلوك الإجرامي , وفي إطار إجبار الأردن على التعاطي مع داعش كدولة , وهو سلوك في النهاية يهدف إلى عملية دفع (الخاوة) لا أكثر ولا أقل , تماما كما يحدث في عمليات تهريب النفط السوري إلى تركيا , فلو امتنع البعض عن دفع أثمان هذا النفط أو تمت إعاقة الشاحنات بالطبع ستمارس داعش سلوك العصابة وتقوم بالتفجير .
التنظيم زاد من عدد مقاتليه , ويعاني من أزمات مالية حقيقية , وكل ما فعله على الحدود الأردنية , هو رسالة تقع في إطار (الخاوات) …وليس في إطار الرسائل فالذي يقتل ويحرق الأجساد , وينصب خليفة يحكم بأمر الله لا أظن أنه يفهم في الرسائل السياسية .
في النهاية , التجارة مع الأنبار , تريد داعش حصة منها , أو تريد ممارسة أسلوب الدولة الحقيقية , في جباية الضرائب , وهي مدركة تماما , أن العبث مع الأردن يعني مواجهة عسكرية , بين عصابة وجيش منظم …وهي لا تريد أن تمنح أحدا انتصارا عليها , ولكن مشكلتنا أحيانا ..أننا نضخم في سلوك التنظيم وكأنهم يملكون خيالا سياسيا أو أفقا خصبا , في النهاية ..ربما ستعقد داعش اتفاقا مع سائقي الشاحنات , على تأمين مرور امن لقاء بعض الدولارات , لتغطية نفقات المجاهدين وسنكتشف أننا لم نكن بحاجة لكل هذا التحليل , وتحميل الأمر رسائل سياسية , ومضامين أكبر من حجم الحدث.
… لو كانت داعش تقوى على توجيه رسائل حقيقية للداخل الأردني , لفعلت ذلك من زمن , ولكن سلوكها مع الطيار الكساسبة يدل على العجز والحقد , ولا أظن أن هناك داع أو سبب لتخويف الناس وتضخيم قوة هذه العصابة .