اقتصاديون يحذرون من تداعيات اعتماد بطاقة ذكية ترفع الدعم عن الخبز
حذر خبراء اقتصاديون الحكومة من اعتماد “البطاقة الذكية” تمهيدا لرفع الدعم عن الخبز، مبينين أن البطاقة حل غير عملي وسيواجه الكثير من المشاكل.
ودعا الخبراء الحكومة الى توخي الحذر من تطبيق آلية “البطاقة الذكية”، معتبرين أن رفع الدعم عن الخبز قد يؤدي الى اثارة العديد من المشاكل في الشارع الأردني، خاصة في وقت يتزامن مع احتقان الشارع جراء رفع الدعم التدريجي عن المحروقات الذي شهدته الآونة الأخيرة.
وكان وزير الصناعة والتجارة وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الدكتور حاتم الحلواني، أكد توجه الحكومة لاعتماد آلية البطاقة الذكية لتوجيه الدعم الحكومي لمادة الخبز الى مستحقيه، لافتا إلى ان اعتماد البطاقة يحقق وفرا ماليا بقيمة 130 مليون دينار سنويا.
وقال الحلواني أمس، خلال مناقشة اللجنة المالية في مجلس النواب لموازنة الوزارة والمؤسسات التابعة لها، إن لدى وزارة الصناعة دراسات تضمن تنفيذ العملية وأن هذه الدراسات تؤكد وجود سوء استخدام للطحين المدعوم من خلال استخدامه بطرق غير قانونية.
وبين أن هناك حاجة لترشيد الدعم بحيث يصل الى مستحقيه، من خلال توجيهه من الطحين الى المنتج النهائي “الخبز” من خلال البطاقات.
وأوضح الحلواني أن معدل استهلاك الفرد من مادة الخبز في المملكة يبلغ 90 كيلو غراما سنويا، مؤكدا في الوقت نفسه أن “قوت المواطن خط أحمر”.
يقول الخبير الاقتصادي مازن مرجي أن “الخبز خط أحمر فهو قوت المواطن”، وكثير من الفقراء وأصحاب الدخل المحدود يعتمدون على الخبز كمادة غذائية أساسية، ورغيف الخبز يعتبر آخر معقل وآخر حاجز يقف بين اصحاب الدخل المحدود والحكومة، لهذا يجب عدم التورط والمساس بأساسيات معيشة المواطن.
وأشار مرجي إلى أن الحكومة وفي حال اعتمادها وتطبيقها هذه الآلية فانها تتملص من قيامها بواجباتها الاجتماعية تجاه حماية المواطن من تغول الفقر وضنك العيش.
وشدد مرجي على ضرورة أن تتوخى الحكومة الحذر من اعتمادها لهذه الآلية “البطاقة الذكية”، متوقعا أن يكون تطبيقها بعد احتقان الشارع جراء رفع الدعم عن المحروقات التدريجي، هو فتيلة لاثارة الشارع من جديد.
ولفت مرجي إلى أن ما يقارب 90 % من المؤسسات والمنشآت التجارية والسوبر ماركت و”الدكاكين” التي يتعامل معها المواطن غير مهيأة للعمل بنظام بنكي لتكون مهيأة لاستخدام “البطاقة الذكية”، الامر الذي يعني بالضرورة أن الحكومة تهدف من خلال استخدامها للبطاقة كأداة لايصال ما يسمى “بالدعم لمستحقيه” تحويل كل الاموال الى عدد محدود من أصحاب المصالح التجارية الكبرى على حساب 10 آلاف محل تجاري تعتبر مصدر دخل وحيد لعائلات وأسر محدودة الدخل.
وأشار مرجي إلى أن رفع الدعم عن الخبز جاء ضمن الشروط والآليات المقترحة من قبل صندوق النقد الدولي، وهي مقترحات مجحفة بحق المواطن وستؤدي في حال تطبيقها الى نتائج خطيرة جدا، بالاضافة الى تبعاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية على الأردن.
ويؤكد مرجي ان الطريق الاسلم لايصال الدعم لمستحقيه هو ابقاء الدعم وعدم رفعه عن الخبز خاصة، بالاضافة الى تقليص عدد المؤسسات العامة البالغة 63 مؤسسة والتي تستحوذ موازناتها 2 مليار سنوياً، والغاء بعضها ودمج البعض الآخر منها، وتشديد الرقابة والتدقيق عليها لمنع وقوع التضخم في موازناتها.
وشدد على ضرورة تعزيز آلية التحصيل الضريبي لوقف منع التهرب الضريبي الذي أضاع أموالا طائلة على خزينة الدولة، لافتا الى أن هنالك تغاضي عن بعض القطاعات التي تتهرب من دفع الضرائب مثل بعض الشركات والبنوك.
ويقول مرجي أن هنالك العديد من البدائل التي على الحكومة ان تلجأ لاستخدامها وعلى رأسها” ترشيد النفقات الحكومية خاصة الجاري منها، والغاء المشاريع غير المجزية، بدلا من اللجوء لرفع الدعم عن الخبز الذي يعتبر “قوت لعائلات كثيرة”.
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي، زيان زوانه، ان لهذه الآلية تبعات سلبية كبيرة جدا، لان فيها مساس بقوت المواطن، اذ انه يجب ان يكون هنالك حزمة من القرارات الاقتصادية الاصلاحية في كافة المجالات الاقتصادية والمالية.
وبين زوانة أن توقيت هذه الآلية واعتمادها امر غير رشيد، لان الشارع الأردني يعيش اليوم حالة من الاحتقان والعسر السياسي والاقتصادي، فعلى الحكومة أن لاتتخذ قرارات مصيرية من هذا النوع.
أشار زوانة إلى أن هناك حزمة من البدائل لتحقيق الاصلاح الاقتصادي، أهمها تقليص عدد المؤسسات العامة البالغة 63 مؤسسة والتي تستحوذ موازناتها على 2 مليار سنوياً، والغاء بعضها ودمج البعض الآخر منها، وتشديد الرقابة والتدقيق عليها لمنع وقوع التضخم في موازناتها، الامر الذي يعني أن “الخزينة والمواطن لن يستمرا بالانفاق على حكومتين، السلطة التنفيذية وحكومة المؤسسات المستقلة، ويجب أن يتوقف الهدر في المؤسسات المستقلة، ليقتنع المواطن من أن جهود الحكومة جهودا اصلاحية فعلية”، وأن العمل بآلية “البطاقة الذهبية” هو قرار سياسي يفتقر للمبادئ المالية والسياسية، وأن رفع الحكومة لأسعار الخبز ضمن أي آلية مع ابقاء المؤسسات العامة على حالها دون أي ضبط لنفقاتها، ودون رقابة، امر سيؤدي الى نتائج وخيمة، بحسب تعبيره.
من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي عبد الخرابشة أنه يجب ان يكون الدعم مقتصرا فقط على الفقراء ومحدودي الدخل والمتعطلين عن العمل.
واضاف انه قد يكون لهذا القرار تبعات سلبية سياسيا واقتصاديا، الا انه من المهم أن يتم الترويج الكافي “للبطاقة الذكية” حتى يقتنع المواطن بأنها سياسة صحيحة.
يشار الى أن تطبيق البطاقة الذكية متعددة الاستخدامات مرتبط بتوفر الإمكانات المالية ذلك بحسب تصريحات رسمية سابقة.
وبحسب تصريحات سابقة، فإنّ الحكومة لم تتخذ حتى الآن قرارا بشأن البطاقات الذكية، وهي تنتظر توفر “الإمكانات المالية لذلك”، حيث إنّ تكلفة تطبيق البطاقات الذكية قد تصل الى حوالي 35 مليون دينار”.
وستستخدم البطاقة، وفق المصدر، لأغراض متعددة منها سياسة “إيصال الدعم لمستحقيه”، التي تنوي الحكومة تطبيقها في موضوع دعم المواد التموينية الأساسية.
وتعرف البطاقة الذكية أنها بطاقة بلاستيكية شبيهة ببطاقات الصراف الآلي وبطاقات الائتمان، إلا أنها تحتوي على معالج صغير وذاكرة، فيما تهدف الحكومة من خلالها إلى دمج عدة وظائف في هذه البطاقة؛ إذ تستخدم البطاقة نفسها كهوية شخصية وبطاقة للتأمين ورخصة للقيادة وبطاقة للحصول على الدعم لبعض السلع الأساسية الذي سيوجه للأردنيين المستحقين وغير ذلك من الاستخدامات