شاي
في بداية التسعينيات , حدث انقسام هائل بين (شريبة الشاي) ..فقد ظهر ما يسمى بالشاي (الميداليات) ..علما بأن طريقة صنع الشاي , كانت تعتمد على المنتج (الحل)… ويتم تجهيزه عبر الماء المغلي ثم سكب كمية من السكر , وبعد ذلك وضع الشاي وتركه كي (ينقع) …وكان الشاي على الحطب , يمثل تيارا كلاسيكيا له رواده .
حين ظهر الشاي الميداليات , أحدث ثورة عظيمة جدا , فأنت تشربه من دون(حثل) ناهيك عن سهولة التحضير , وخفة المذاق وتحديد كمية السكر .
توجس الأردني في البداية من الشاي المداليات , لأنه يعتدي على المزاج , على عملية الكيف …وكان هناك تيار معارض , وشرس لهذا النوع …ولكن في النهاية السوق هو الذي حدد عملية التعاطي مع الشاي , فقيام التجار بإغراق الأسواق بالشاي الميداليات , جعل الشعب يتخلى عن الشاي (الفرط) الذي كان في فترة من الفترات مكتسحا , وبشروطه .
الاقتصاد يشبه الشاي , فهناك تيار ينظر للدور الأبوي في الدولة ..اي الإقتصاد الرعوي , والذي يؤمن بأنك يجب أن تضع السكر بكميات هائلة وتنثر الشاي على وجه الإبريق , وتصنع منه كمية كبيرة تكفي للجميع …
هناك تيار يشبه الشاي الميداليات , وهو تيار يؤمن بالكمية , أي :- أن الميدالية تكفي لشخص واحد فقط , وعلى الدولة أن لا تتسرع في عملية الإنفاق , هو أيضا يتصادم مع المضامين الاجتماعية , فنحن مثلا نتلذذ بمنظر الحثل في الشاي ..بمعنى اخر نؤمن بضرورات اجتماعية وأنماط حياة معينة , وهذا التيار بالطبع يرفض …ويصر على أن يكون الشاي خاليا من (الحثل) اي أنه :- لا يخضع للضرورات الاجتماعية .
والبعض صار يعزف عن الشاي , ويتجه للقهوه , والبعض الاخر مشى مع التيار وبما أن ظهور الشاي الميداليات كان مبكرا , فقد ظهر أيضا جيل ما يسمى (جيل شاي الميداليات ) .
اشعر احيانا بالضياع , فأنا من تيار يؤمن (بالشاي ع الحطب) …ليس في الإقتصاد بل بالكلمة , والروح والحضور أيضا , وها أنا كل ليلة أوقد ناري وأتسامر مع نفسي ..وكأني أغرد خارج العمر أو خارج الوطن , ويصاحبني الشعر النبطي وأيضا (فروة ) قديمة التحفها…