0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

عندما ينقلب السحر على الساحر (2)

رغم أن نسبة العرب الفلسطينيين ممن يحملون الجنسية الإسرائيلية هي حوالي 20 % من الإسرائيليين عموماً، إلا أن نسبة تمثيلهم داخل الكنيست الإسرائيلي لم تتعد أحد عشر نائبا (وهو العدد الحالي)، أو حوالي 
9 % فقط من الأعضاء؛ وذلك لعدة أسباب، أهمها عزوف العديد من العرب الفلسطينيين داخل إسرائيل عن الانتخابات، وتوزيع أصواتهم على العديد من الأحزاب العربية، وضياع بعض هذه الأصوات بسبب وجود نسبة حسم لا تخول حزباً دخول الكنيست إن لم يستطع تحقيقها.
هذا الوضع اليوم مرشح للتغير إيجابيا إلى حد كبير، برغم الإجراءات الإسرائيلية المتكررة لتقليص الوجود العربي في الكنيست. فقد قاد وزير خارجية إسرائيل العنصري أفيغدور ليبرمان، حملة ضد التمثيل العربي، انتهت بإقرار الكنيست لقانون يرفع نسبة الحسم من 2 % إلى 3.25 %؛ ما يعني أن أي حزب يحتاج إلى أن يحصل على أربعة مقاعد على الأقل لدخول الكنيست. وإذا نظرنا إلى نتائج الانتخابات الأخيرة، يتبين أن اثنين من الأحزاب الثلاثة العربية؛ هما “بلد” و”حداش”، لن يستطيعا الوصول إلى هذه النسبة، بما يعني إمكانية انخفاض عدد النواب العرب إلى خمسة أو ستة، وهي نتيجة كارثية وفق المقاييس كافة.
للمرة الأولى في تاريخهم النضالي، يعي العرب في إسرائيل أن معركتهم اليوم ليست بين بعضهم للحصول على الأصوات العربية، ولكنها معركة ضد العنصرية الإسرائيلية؛ بل ومعركة وجودية ضد محاولة إسرائيل تثبيت مبدأ يهودية الدولة. فكان أن اتفقت الأحزاب العربية؛ القومية والإسلامية والشيوعية، على وضع خلافاتها جانبا ولو مرحليا (هل يذكرنا ذلك ببلد عربي آخر؟)، والعمل على تحقيق الهدف الأسمى، وهو تعظيم الوجود العربي في الكنيست، وقطع الطريق على المحاولات العنصرية الإسرائيلية باستخدام القانون الإسرائيلي نفسه. 
بعد هذا الاتفاق، من الممكن للقائمة العربية الموحدة الحصول على خمسة عشر مقعدا، إن ارتفعت نسبة المشاركة العربية بمقدار عشر نقاط كما هو متوقع. وبذلك، تصبح هذه القائمة من أكبر القوائم الحزبية داخل إسرائيل، وستكون شوكة في خاصرة إسرائيل، تدحض أي محاولة إسرائيلية للمضي قدما في مشروع الدولة اليهودية.
رد فعل ليبرمان الذي انقلب السحر عليه، كان دقيقا، حين صرح أن توحد الأحزاب العربية وضع نهاية لدولة إسرائيل كدولة يهودية. لكنه لم يقل إن الفضل في ذلك يرجع له؛ فقد نجح فيما عجزت عنه الأحزاب العربية في إسرائيل لعقود من الزمن، حين رفع نسبة الحسم، وأجبر هذه الأحزاب على إعادة النظر في مواقفها. والأمل أن تمضي قدما هذه الأحزاب في اتفاقها، فلا تجعل خلافاتها تعميها عن الصورة الأكبر.
لطالما جعلنا خلافاتنا الفرعية تطغى على الأهداف الأسمى؛ فلا حققنا هذه الأهداف، ولا حتى الأهداف الصغيرة. وتونس تعلمنا اليوم كيف يتحقق النجاح باختيار المعارك بدقة، وكيف تدار السياسة بالحكمة وليس بالعواطف. ولعل العرب الفلسطينيين في إسرائيل يعلموننا في المستقبل القريب كيف تجابَه إسرائيل أيضا بالحكمة لا العواطف، وكيف يمكن بالتخطيط السليم وبُعد الأفق، أن يخرج الأمل من جوف اليأس.