عاجل
0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

إذا تم العقل نقص الكلام!

نكاد نتفق على أبعاد هذا القول لسيدنا علي بن ابي طالب كرّم الله وجهه ، فحتما هنالك علاقة عكسية بين تمام العقل ونقصان الكلام ، فكثرة الكلام توقع صاحبها بالخطأ.. علاوة على أن الحكيم يزِن كلامَه قبل أن يُخْرجَه ، سواء أقَلّ الكلام ام كثر ، فيَخرُجُ منه موزونا.. وطبعا «توزينه» قبل خروجه ، يحتاج الى مهلة من الوقت، والتمهل عادة يقلل من حجم الكلام ،مقارنة مع نظيره الكلام الذي يَخرُجُ ثرثرةً متدفقة بسبب غياب العقل الراجح ، دون أن ننفي سلاسة التتابع في كلام «راجحي العقل» التي تُفهم خطأ ًبأنها ثرثرة كلامية كغيرها.. وشتّان ما بينهما..
باختصار شديد العرب اُمّة تهوى الكلام، وتموت بالكلام..
يقول مصطفى صادق الرافعي « إذا أنت لم تَزِدْ على الحياة شيئا فأنت زائد عليها».. فعلا صدَق الرافعي الذي حدّد لنا الحياة بين زائد وناقص.. وبين موجَب وسالب.. وما أكثر ما نسمع أقوالا تضم بين ثناياها حِكَمَاً تنبهنا الى الثغرات الكامنة في أعماق النفس البشرية والتي تحتاج بين الحين والآخر إلى رتْق وكيّ وتعديل ليصلح معها العقل والقلب واللسان.. فلعل وعسى يتّعظ البعض !
لا شك أن مهارات التواصل مع الآخرين تعتمد على قواعد متعددة من الحوار الإيجابي المرتكز على الأخذ والعطاء في الكلام مع حُسْن الاستماع للآخر.. كلها عوامل من شأنها أن تخلق محادثة مفيدة.. الا أن البعض يفتقر الى هذه المهارات فترى الجميع يتحدثون معا في نفْس الوقت ولا من مستمع ! مما يؤدي الى نتائج سلبية من سوء الفهم فيعقّد المشاكل ويؤخّر حلها..
وقد يُساء فهم الفئة غير المشاركة في هذا «الصخب اللفظي».. فهذه الفئة الصامتة تعمل بالمثَل القديم القائل اذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب ! أو بالأحْرى اذا كان الكلام من«نحاس» فالسكوت من «ألماس»!
منبهين بالوقت نفسه إلى صمْت من نوع آخر ، صمت لا ينمّ عن رجاحة العقل ، تمارسه عادة قلّة قليلة تتباهى بصمتها اثناء إستماعها للبعض وهم يمدحون ويثنون على أداء أو إبداع أفراد ممَن يستحقون الثناء.. فتصمت هذه القلّة القليلة وكأنها قد حطّت على رأسها الطير ، مترجمة للآخرين فيما بعد ، أن سبب صمتها وعدم مشاركتها لكونها صادقة، لا تحب النفاق.. فالشخص الممدوح برأيها ، لا يستحق فعلا كلّ هذا الإطراء.. فالسكوت لن يثير بلبلة الاعتراض..لأنه أضعف الإيمان !!
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه ونوجهه لهذه القلّة المستنكفة عن المديح: متى كانت آخر مرة أثْنَتْ خلالها على أحد !
والجواب :ولا مرّة! حتى لو مدحت -وهذا نادر جدا – يكون مديحها لشخص او عمل لا يستحق أي ثناء ، لأنه أصلا لا يشكّل عقدة او إرهاصا لها ! فهي لا «تُكبِّر» عادة إلا الناقص.. فصمتها الدائم في هذه المواقف لأسباب أخرى لا علاقة له بكُرْهِها للنفاق!
لافتين نظر هذه القلّة الصامتة بقولنا: إن النفوس الطيبة تمتدح فعلا من يستحق المديح.. وأن الممدوح لا ينتظر ثناءها هي بالذات ، فهو مقتنع بأدائه، والكثيرون مقتنعون به ، ومديحها «المنْفوس» أصلا لن يزيد او ينقّص.. فلتمتدح نفسَها فهي في امسّ الحاجة لذلك.. ففاقد الشيء لا يعطيه !
فما احوجنا للتمتع بروح رياضية في قبول الآخر ، والاعتراف به.. فكفانا عرقلة لروح الوفاق والاتفاق، مضيعين الرؤى مبعثرين الأهداف، ليتربع بعدها أسلوب الجدال ،ويختفي الحوار معقدا المسائل أكثر وأكثر..
يقول الخبراء :اختصارا لكل المشاكل يُفَضَّلُ عدم الرد على الطرف المشاكس بالمثْل…اذ يجب علينا «تكبير عقولنا وتكميلها بالمنطق»، ناصحين بتجاهل كافة الأخطاء الصادرة عن الغير من مقصودة وغير مقصودة.. فالحياة اليومية ينتابها الكثير من الازعاجات ،فهل سيقضي الإنسان وقته في اللوم والعتاب والجدال والشجار ؟ أين وقت الفرح والمرح والعمل والإنتاج ؟
أم ان خلْق المشاكل بالنسبة للبعض هو إلإنجاز بعينه ؟
صحيح أن الالتزام بالسكوت ، يشجع المشاكسين على التمادي الى الحد الذي لا ينفع معه السكوت.. متسائلين ما ذنب الملتزِمين ؟ فعلاوة على عدم ردّهم بالمثل فان «إدارة الغضب»، تعني تجميد أي فرصة للتفريج عن النفْس! لأن العدوانية هي جزء لا يتجزأ من المشاعر الإنسانية.. الا أن هذه العدوانية عند الأنسان يجري تقنينها عبر قنوات عدة يمتاز بها «الأنسان» عن «الحيوان».. ألا وهي قنوات «العقل» و«اللّسان»…
فمِن خلال «العقل» نستطيع أن نميز متى نختار الوقت المناسب لنستفيد من تعبيرنا اللفظي الإيجابي ، أو استخدام الحوار الصامت «غير اللفظي» وفقا لنوعية المشاكسين ومستواهم «العقلي» و «النفسي» عملا بفلسفة «قلة الكلام كلام
و«قلة الجواب… جواب»!
hashem.nadia@gmail