نجاح وساطة اردنية للمقاربة بين الرئيسين المصري والامريكي
وكالة الناس – واضح لدى المراقبين السياسيين والاعلاميين، ان الملك عبدالله الثاني يسعى للمقاربة والتنسيق بين ادارة الرئيس الامريكي باراك اوباما، وبين العهد المصري الجديد برئاسة المشير عبدالفتاح السيسي.
ولا يخفى على المراقبين هذا الترابط بين عودة الملك من واشنطن بعدما اجرى سلسلة محادثات مع اركان الدولة الامريكية، وبين زيارة الرئيس المصري الى عمان يوم الخميس الماضي، خصوصاً وان الملك كان قد قام بزيارة خاطفة الى القاهرة للقاء الرئيس السيسي قبل ساعات قليلة من سفره الى واشنطن اول الشهر الحالي.
معروف ان حالة من ”البرود السياسي” تسود العلاقة المصرية – الامريكية منذ اطاحة الرئيس المعزول محمد مرسي، حيث وصفت الدوائر الامريكية، وفي مقدمتها سفارة واشنطن بالقاهرة، هذا العمل بالانقلاب العسكري، وتحفظت عليه بوصفه افتئاتاً على رئيس دولة منتخب ديموقراطياً، وملتزم بالحفاظ على معاهدة كامب ديفيد المبرمة بين مصر واسرائيل.
واشنطن ما زالت حريصة على ”شعرة معاوية” بينها وبين المحور الاخواني الذي يقوده الآن الرئيس التركي رجب اردوغان، كما انها لا تخفي رغبتها في استمالة ايران والتفاهم معها، ومن هنا يتقاطع عندها الملفان الداخلي والخارجي لانتاج حالة ”البرود السياسي” مع نظام الرئيس السيسي المنبوذ تركياً لانه اطاح حكم الاخوان، وايرانياً لانه حليف ورديف للسعودية، الخصم اللدود لطهران.
الملك عبدالله الثاني الذي دعاه الرئيس اوباما لزيارة واشنطن، ولم يكن هو طالب الزيارة، استثمر ارتفاع اسهمه لدى المحافل الامريكية الديموقراطية والجمهورية، لدعم الرئيس السيسي سياسياً وادبياً لدى تلك المحافل، وشرح اهمية استقرار مصر ودورها المركزي في بلورة مشروع ”محور الاعتدال العربي” الجديد الذي ينتظر ان يضم مصر والاردن والمغرب ومجلس التعاون الخليجي، ويشكل معادلاً اقليمياً لكل من تركيا وايران، وينهض بمهمة محاربة ”الجماعات الارهابية” من الدواعش والاخوان والحوثيين وغيرهم.
الوساطة الاردنية حققت – فيما يبدو- نتائج ايجابية، واسفرت عن حلحلة كبيرة في الموقف الامريكي تجاه الرئيس المصري، والا لما سارع هذا الرئيس الى انتزاع نفسه من مشاغله الكثيرة في القاهرة، ليطير الى عمان في زيارة قصيرة للغاية، وينفرد بالملك في خلوة خاصة استمع خلالها الى مستجدات الموقف الامريكي حيال نظامه، وحول عدد من القضايا السرية المهمة التي لا تقال عادة في المحادثات الرسمية الموسعة.
مشروع محور الاعتدال العربي الجديد آخذ في التبلور بسرعة هذا الاوان، خصوصاً بعد تصالح قطر مع معسكرها الخليجي، وقرب تصالحها عبر وساطة سعودية مع مصر، وبقدر ما سترضى اسرائيل عن هذا المحور الطاعن في مسالمتها ومغازلتها، سوف ترضى عنه واشنطن حتى مع وجود السيسي، وسوف تلتحق باحد هوامشه فيما بعد سلطة محمود عباس، وهو ما يعني تكريس الانقسام الفلسطيني بين السلطة وحماس المحسوبة على الاخوان، او بين الضفة وغزة الى اشعار آخر.
ورغم ان البيانات الرسمية التي تصدر عن اجتماعات الرؤساء تعتمد اللغة الدبلوماسية والعمومية الفضفاضة، الا ان العبارة التي وردت في ختام لقاء عمان على لسان الرئيس السيسي تحمل اشارة واضحة الى اهمية الوساطة الاردنية بين القاهرة وواشنطن، حيث ذكرت وكالة بترا الرسمية ان السيسي ”قد اعرب عن تقدير بلاده لمواقف جلالة الملك الداعمة لمصر وشعبها، والتي اكد عليها جلالته خلال زيارته الاخيرة الى واشنطن ولقائه الرئيس الامريكي باراك اوباما”.