هدوء بالأقصى ودعوات للتظاهر اليوم نصرة للقدس بعد ليلة دامية
وكالة الناس – أدى آلاف الفلسطينيين صلاة الفجر في المسجد الأقصى، حيث عاد الهدوء بعدما انسحبت قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى خارج باحات الحرم القدسي، عقب اقتحام دام واعتداء على المصلين أثناء أدائهم صلاة التراويح الليلة الماضية، أوقع 205 مصابين.
وقد أعادت شرطة الاحتلال فتح أبواب المسجد الأقصى جميعا فجر اليوم السبت، بعد أن كانت أغلقتها منتصف الليل بعد ليلة عنيفة من المواجهات أعقبت اقتحامها للمسجد والاعتداء على المصلين.
وزحف مئات المصلين من خلال أبواب الحرم القدسي لأداء صلاة الفجر، بهتافات التهليل والتكبير بعد ليلة ساخنة ومواجهات عنيفة، وعاد مئات المصلين مكبرين إلى المسجد الأقصى لأداء صلاة الفجر، والانضمام إلى المعتكفين الذين بقوا داخله أثناء اقتحام قوات الاحتلال باحات الحرم القدسي الليلة الماضية.
وأفاد الهلال الأحمر الفلسطيني بأن 205 فلسطينيين أصيبوا عقب اقتحام قوات الاحتلال باحات الأقصى وإطلاقها قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع على المصلين، واعتقالها عددا منهم؛ وأشار الهلال الأحمر الفلسطيني إلى أنه تم نقل 88 مصابا إلى المستشفيات، في حين تلقى 60 آخرون العلاج في مستشفى ميداني، بينما منعت قوات الاحتلال طواقمه الطبية من الوصول إلى مدينة القدس.
ونقلت وكالة الأناضول عن شهود عيان أن قوات الاحتلال اعتقلت في وقت مبكر من فجر اليوم عشرات الفلسطينيين العائدين من المسجد الأقصى، عند حاجز قلنديا العسكري بالضفة الغربية المحتلة الفاصل بين مدينتي رام الله والقدس، واعتدت على عدد من الشبان بالضرب قبل اعتقالهم.
واكدت وسائل اعلام أن الترقب يسود لما سيحدث الليلة القادمة “ليلة القدر”، مع استمرار تعزيزات الاحتلال في محيط المسجد الأقصى والضفة الغربية، كما يسود ترقب عقب دعوات مستوطنين لاقتحام الأقصى يوم الاثنين القادم، وسط تخوفات من أن يكون ما جرى اليوم لترهيب الفلسطينيين والمصلين قبيل اقتحامات المستوطنين المزمعة في ما يسمى يوم توحيد القدس.
وكان جنود الاحتلال حاصروا حوالي 3 آلاف مصل في المصلى القبلي بالمسجد الأقصى، في محاولة لإخراجهم، لكن الشبان أغلقوا الأبواب، في حين اعتلى الجنود أسطح المسجد وأطلقوا قنابل الصوت والرصاص المطاطي لتسريع الإخلاء.
والمصلى القِبْلي هو جزء من المسجد الأقصى ومعلَم من معالمه، وهو المبنى المسقوف الذي تعلوه قبة رصاصية اللون، ويقع جنوبه تجاه القبلة، وعرقلت سلطات الاحتلال عمل الأطقم الطبية الفلسطينية في الأقصى وحي الشيخ جراح وحاجز قلنديا بالقدس
مظاهرات نصرة للقدس
وإزاء هذه التطورات، دعت لجنة المتابعة العليا للجماهير داخل الخط الأخضر إلى التظاهر في مختلف البلدات، ردا على العدوان على مدينة القدس المحتلة.
وقالت في بيان الليلة الماضية “ندعو كافة مركّبات اللجنة واللجان الشعبية، إلى المبادرة لتظاهرات في مختلف البلدات السبت، والسعي لتنظيم وفود إلى القدس، وحي الشيخ جراح، وشدّ الرحال إلى المسجد الأقصى”.
واعتبر البيان عدوان الاحتلال مساء الجمعة على آلاف المصلين في الأقصى، مؤشرا خطيرا لما يخطط له الاحتلال في الأيام المقبلة، للقدس والمسجد الأقصى.
تنديد ومطالبات
وإزاء الاعتداء الإسرائيلي على الأقصى وحي الشيخ جراح، طالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس المجتمع الدولي بتوفير حماية دولية للشعب الفلسطيني، وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية أن عباس وجّه السفير الفلسطيني في الأمم المتحدة لطلب عقد جلسة عاجلة لمجلس الأمن، على خلفية تطورات القدس.
وحمّل عباس -في كلمة تلفزيونية- “حكومة الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عما يجري في المدينة المقدسة من تطورات خطيرة واعتداءات آثمة، وما يترتب على ذلك من تداعيات”، مضيفا أن “بطش وإرهاب المستوطنين لن يزيدنا إلا إصرارا على التمسك بحقوقنا المشروعة في إنهاء الاحتلال، ونيل الحرية والاستقلال، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة الكاملة بعاصمتها الأبدية القدس”.
وفي سياق متصل، وصف رئيس الحكومة الفلسطينية محمد اشتية ما يجري في حي الشيخ جراح بأنه “شكل جديد لسياسة التهجير الإسرائيلية الممنهجة”، مرحّبا بمطالبة الأمم المتحدة و5 دول أوروبية إسرائيلَ بعدم إجلاء أهالي حي الشيخ جراح.
وقال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي إن ما تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلي من اعتداءات على سكان حي الشيخ جراح في القدس، يرقى إلى مستوى الجريمة ضد الإنسانية؛ وأضاف المالكي خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره التركي، أن السلطة الفلسطينية طلبت من محكمة الجنايات الدولية أن تأخذ موقفا واضحا من هذه الاعتداءات.
كما طالب المجلس الوطني الفلسطيني -في بيان- العربَ والمسلمين بالارتقاء بمواقفهم تجاه الاعتداءات الإسرائيلية “الوحشية”، كما طالب المجلس المجتمعَ الدولي بعدم الاكتفاء بمواقفه الكلامية التقليدية، والتحرك العاجل للجم هذا العدوان، بحسب تعبيره.
بدورها، طالبت حركة فتح الجامعة العربية والأمم المتحدة والمجتمع الدولي بالتدخل لوقف سياسة حكومة الاحتلال العدوانية، بحسب وصفها.
كما قال خطيب المسجد الأقصى عكرمة صبري إن الأعمال الاستفزازية للاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين العزل، هي ما فجر هذه الانتفاضة. وأكد صبري -في مقابلة سابقة مع الجزيرة- أن الفلسطينيين لن يقبلوا بهذا الاحتلال.
ووصف وزير شؤون القدس الفلسطيني فادي الهدمي ما تقوم به إسرائيل من اعتداءات على المقدسيين بأنه نذيرٌ خطير جدا، وأكد -في مقابلة مع الجزيرة- أن الحكومة الفلسطينية طالبت بتدخل دولي عاجل لحماية القدس والمقدسيين.
وقال نائب المدير العام للأوقاف الإسلامية في القدس ناجح بكيرات إن أهالي القدس يرسلون رسالة إلى الاحتلال الإسرائيلي مفادها أن القدس عاصمة للفلسطينيين، وأضاف -في مقابلة مع الجزيرة- أن هذه الرسالة تؤكد أنه لا شيء يقف في وجه إرادة الفلسطينيين، رغم ما يقوم به الاحتلال من حصار وتفتيت لوطنهم.
الفصائل تتوعد
وقالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إن “الاحتلال سيدفع ثمن عدوانه وتعديه السافر على حق المسلمين في الصلاة بمسجدهم”.
كما قال رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية إن “العدو يرتكب حماقات في القدس لا يعرف نتائجها”، وأضاف موجها رسالته إلى رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو “لا تلعب بالنار، وسندافع عن الأقصى وحي الشيخ جراح بكل ما نملك، وسيخسر الاحتلال هذه المعركة”.
ودعا هنية -في كلمة متلفزة- الدول التي طبّعت مع الحكومة الإسرائيلية لإنهاء اتفاقيات التطبيع وإغلاق سفاراتها لدى إسرائيل، واعتبر أن ما يجري “انتفاضة يجب أن تتواصل ولن تتوقف”، كما وعد بأن تدافع الحركة عن القدس والأقصى مهما كانت التضحيات، بحسب قوله.
من ناحيته، قال الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد نخالة إن ما يجري في القدس “لا يمكن السكوت عليه، وعلى العدو توقّع ردّنا في أي لحظة”، وتوعّدت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الاحتلال بدفع “ثمن عدوانه وتعدّيه السافر على حق المسلمين في الصلاة بمسجدهم”.