الحجر الطوعي مسافة أمان تعكس الوعي المجتمعي بالوقاية
وكالة الناس – أكد متخصصون أهمية الحجر الطوعي، باعتباره مسافة الأمان الأسلم، التي حافظ عليها الكثيرون، والتزموا خلالها بمنازلهم قدر الامكان، حماية لهم ولأسرهم، في ظل شراسة فيروس كورونا المتنقل هنا وهناك.
واشاروا إلى أن الحجر الطوعي، هو “التحصن بمنازلنا”، وعدم الاختلاط، والابتعاد عن التجمعات، وعدم استقبال الناس، سواء بفرح او بعزاء، لنتشارك بالتالي بالمسؤولية الوطنية في حماية المجتمع، من مخاطر تصاعد الإصابات ومن ثم الوفيات، بموازاة استمرار عمليات التلقيح، وصولا لمجتمع صحي آمن، الى ان تعود الحياة لسابق عهدها قبل زمن كورونا بإذن الله. ثقافة الاعتذار التي حث عليها الخبير الاجتماعي الدكتور حسين الخزاعي في حديثه لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، رأيناها على سبيل المثال لا الحصر في رسالة المتخصص في الادب السياسي الدكتور فيصل القعايدة عبر تطبيق “الواتساب”، حين اعتذر عن زيارة أو استقبال أي شخص بلا أي استثناءات، وبصراحة مطلقة، بغية الوصول إلى بَر الأمان والسلامة منْ شرِ الوباء.
وعلل الدكتور القعايدة اتباعه سبيل الحجر الطوعي بسبب الزيادة المقلقة للإصابات، وعدد الوفيات بالفيروس، وفقده لأصدقاء مقربين له جراء هذا الوباء.
وقال: طوعية الحجر، هي فسحة مناسبة، للاستمتاع بالقراءة والكتابة والإبداع وممارسة المواهب، والتجمع الافتراضي بسلاسة وأمان، تعويضا عن الزيارات والاجتماعات والمناسبات الوجاهية، في زمن كورونا.
من جانبها، فضلت أم عمرو الحجر الطوعي، منذ بداية جائحة كورونا حرصا منها على بقاء بيتها عصيا على الفيروس، انطلاقا من خوفها على أولادها، وامتنعت عن الخروج من المنزل إلا للضرورة القصوى، وفي حالات نادرة، مقرة “أن الوضعين الاجتماعي والنفسي لأسرتي تغير بشكل ايجابي، حيث نعيش بالمنطقة الآمنة المفترضة، بعيدا عن احتمالات العدوى”. وعرف الخزاعي مصطلح الحجر الطوعي بأنه ثقافة تقوم على عدم الخروج من المنزل إلا للضرورة، والاعتذار عن حضور التجمعات أيا كان سببها، تقابلها ثقافة قبول الاعتذار، وتوعية أفراد المجتمع بوجوب التباعد الجسدي، بمن فيهم أفراد الأسرة، فتكاتفهم يعني حتما نجاح المجتمع في التخلص من الوباء، بتضافر كل الجهود الرسمية والاهلية على حد سواء.
ورسم، في هذا الاطار، مجموعة من الخطوط التي تسهم في إنجاح هذه الثقافة وتعميمها على نطاق مجتمعي أوسع، منها التعامل بحزم، مصحوب بتبرير الاسباب المقنعة، مع خروج أي فرد من أفراد الأسرة، لخارج سياق الحجر الطوعي، ولغير مدعاة مرجوة، اضافة الى تجاوز العتب والغضب من عدم المشاركة مع الآخرين، في هذا الظرف العصيب من تاريخ البشرية، من باب “التمس لأخيك عذرا”، لكون المرض الفتاك هذا من اكبر الاعذار الذي يجب تفهمها من الجميع.
ودعا الخزاعي، لعدم الالحاح على الناس بالحضور وتجنب قطع العلاقات اذا اعتذر شخص عن حضور المناسبة خوفا على صحته.
ويرى ان هذه الثقافة هي السبيل الوحيد لكبح جماح الجائحة، معرجا على فوائد وايجابيات الحجر الطوعي في تخفيف الازمات والتجمعات وترشيد الاستهلاك في ظل الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه الاسر.
رئيس قسم الأوبئة ومسؤول ملف كورونا في مديرية صحة مأدبا يونس التلاوي، شدد على عدم الاحتكاك والتواصل المباشر مع الناس لما له من عواقب سلبية في ظل تحورات الفيروس التي تجعل انتشاره أسرع وقوته أكبر، ناصحا الناس بالخروج ضمن حدود الحاجة الملحة، دونما ترتيب لتجمعات تشكل فيما بعد عامل ضغط على القطاع الصحي.
وأوضح أن تخفيف التجمعات يسهم إلى حد كبير في انخفاض المنحنى الوبائي، و السيطرة قدر الامكان، على الموجة الثانية من الوباء.
من جهته، أشار اختصاصي الطب النفسي ومعالجة الإدمان الدكتور أحمد عبد الخالق إلى أن المبالغة والمغالاة في الشعور بالخوف من الفيروس وعزل النفس كليا عن العالم الخارجي يدخل في إطار “الوسواس القهري”، وينذر بالدخول في حالة نفسية مرضية تستدعي تدخل المعالج النفسي.
وقنن الخروج من المنزل بالقدر الذي يلبي احتياجات الفرد، مع اخذ جميع التدابير الوقائية بالتعقيم وارتداء الكمامة، والبعد عن التجمعات والاختلاط.
وحذر الدكتور عبد الخالق من إمكانية تطور الحالة النفسية للمنغلقين على أنفسهم في منازلهم لتصل الى درجة الاكتئاب، ما يضطرهم لتناول ادوية تعمل كمضادات لهذا المرض النفسي، في وقت لوحظ به تكدر المحيط الأسري للمصابين بالاكتئاب، لجهة التخبط في إنجاز المهام المطلوبة على صعيد العمل، والمعاناة من اضطرابات في النوم.
وحث الأفراد على الاندماج الافتراضي في المجتمع بطريقة تحميهم من الإصابة بالمرض، وتحافظ في الوقت ذاته على صحتهم النفسية.
بدوره، بين الخبير الاقتصادي حسام عايش أن التصرف بمسؤولية ومراعاة الحالة السائدة والابتعاد عن الاختلاط بالقدر الممكن، يقلل من احتمالية الإصابات بالفيروس التي تحدث نتيجة إهمال المتطلبات الوقائية سهوا او عمدا.
وأضاف، أن الحجر الطوعي وما ينطوي عليه من ممارسات يؤمن المناعة الاقتصادية، ويؤدي إلى بقاء الوظائف والمهن موجودة، ويحافظ المجتمع من خلاله على أدائه الاقتصادي مستقبلا.
وأوضح أن تنظيم الوقت وإعداد الخطط الشرائية والقدرة على الوفاء بالالتزامات من خلال برنامج معد سلفا، يقلل الى حد بعيد من تكرار الاضطرار لترك المنزل بشكل متكرر، خاصة في ظل وجود الشراء الالكتروني لمن يرغب بذلك.