عاجل
0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

هاظا اللي ناقصنا

 فلنبدأ بالتخيل على هالصبح:

تخيلوا  لو أن شركات الخلويات أدخلت خدمة الإستماع  للطرف الاخر عدة دقائق بعد اغلاق الهاتف، وهي قضية ممكنة نظريا ، وباعت الشركات هذه الخدمة للراغبين ..وتخيلوا أننا تمكنا من تسجيل ورصد بعض هذه المكالمات خلال الإتصال،بين أي اثنين أردنيين وبعده.

سنجد خلال الإتصال عبارات مثل:

– هلا حبيبي ..تاج راسي …الله ايخليك.

– لا ولو انته بس أؤمر ….بكرة ابعثلي مس كول وأنا بحل الموضوع.

– لا تحكي هالحكي ..أنا خدامك.

– صدقني لوبدك واحد من ولادي ….

ثم ، وبعد اغلاق الخط مباشرة ومنذ الفانية الأولى – والفانية هي جزء من الثانية، حسب سعيد صالح في مسرحية «العيال كبرت»-، وإذا كان الرجل مشتركا في خدمة استمرار السماع بعد اغلاق الهاتف، فإنه سيستمع بلا شك الى عبارات مثل:

-…….. على اخت اللي بحبك…قال تاج……. قال!!

– هاظا اللي ناقصنا  ..ابن حمده المدوّد

– قال اعطيك ولد؟؟؟؟ …..إخس يا الأجرب  يا ابن الأجرب .

لن اتحدث لكم عن مدى الإرباك الإجتماعي الذي سيحصل في البداية ، ثم يعتاد الجميع على ذلك ،ويبدأ المواطن بالشتم بعد انتها مدة الإستماع بعدالإغلاق ، وستظل الشركات تمدد الفترة حسب الطلب ، والشتامون يؤخرون الشتم ، الى أن تقوم الشركات بإبقاء الهاتف مفتوحا على الدوام.

طبعا تعرفون أن هذه عبارات- التي كتبتها اعلاه- هي عبارات  تمثيلية لتمرير المقال وإيصال الفكرة – اذا مرت اصلا- إذ انكم تعرفون، عن سابق تجربة ولاحق اصرار، أن التعابير التي تقال اقسى واكثر شتما وتصل الى الأعراض بكل استرخاء ضمير.

 وهذه الطريقة يمارسها – بكل اسف – معظم ابناء الشعب الأردني، وهي عابرة للطبقات والشرائح الإجتماعية، ولا يوقفها عمر ولا دين ولا جنس ولا صراع طبقي ، وأكاد أكون شاهدا على مكالمة أو أكثر ، من هذا النوع يوميا ..مثلكم جميعا .

لو كانت هذه القضية تنحصر في مجرد العلاقات بين الأفراد لتم حلها بالتراضي أو بصلحة عشائرية، لكن هذه الطريقة للأسف تحكم علاقة المسؤول بالناس وعلاقة الحكومات بالشعب وعلاقات الشعب بالحكومات ، الكل يطبطب على الكل، ويكيل له المديح الذي يصل الى حد التذلل احيانا ، ويقول له بأنه يفديه بروحه ، ولكنه عندما يدير وجهه يقول كلاما معاكسا، تماما.

  إننا يا سادة نعاني  من حالة فصام اجتماعي كامل، يتوافق عليه الجميع،  ويرضى به الجميع ، لكِأنه إتفاق جنتلمان يحكم العلاقة بين الحكومات والشعب والعكس صحيح تماما ، والشعب والبرلمان،  والبرلمان والوزارات ، وأعضاء مجلسي الأمة ببعضهم،  وكل عضو والآخر ، وكل واحد فينا مع نفسه.

هذه – يا سادة يا كرام- ممارسة طبيعية عندنا ،كالتدخين  والسير على الطرقات  والتنفس.. ولن نشعر بغرابتنها الا اذا فكرنا فيها ، وهذا المقال ، هو مجرد محاولة للتفكير – ولو للحظة- في هذه الممارسة اللاأخلاقية،  لعلنا ننبذها تدريجيا.