جامعة الزرقاء صرح علمي وحضاري أردني متميز
بقلم : الدكتور محمد فياض العزّي
وكالة الناس – محمد فياض العزي – تربض جامعة الزرقاء على ربوة من الأرض ، تصاقب سيف البادية الأردنية ، على الضفة الشرقية للطريق الدولي الذي يربط العاصمة الأردنية عمان بالجمهورية العربية السورية . وتشرف من ربوتها على مدينة الزرقاء ثاني مدن المملكة الأردنية الهاشمية سكانا . وهي بذلك تجمع بين مدنية الإنسان وأصالة المكان بمدلولهما الحضاري لا بالمعنى اللفظي للكلمة .
تبوأت هذه الجامعة الفتية مكانة عليّة بين الجامعات الأردنية الممتدة على امتداد فضاءات الوطن ، بل بزت الكثير من جامعاتنا الحكومية والخاصة ، تعليما وانضباطا، ومدنية بين طلبتها ونوعية هيئتها التدريسية . تشعر عندما تدخل بوابتها الرئيسة من ركنها الغربي، براحة النفس ، وهيبة المكان، حين تستقبلك مكتبتها الشامخة وباحتها الرحبة بنافورتيها وأحواضها النظيفة الخضرة ، ما أن تحط قدميك فيها زائرا، أو باحثا عن المعرفة في مكتبتها التي تزخر بكم ثر من أمهات المصادر التاريخية والأدبية العربية والإسلامية والأجنبية . قد تغني الباحث في حقول المعرفة عن كثير من مكتبات جامعاتنا الأخرى.
تتميز هذه المكتبة بتكييف لكافة قاعاتها ، تدفع عن روادها حمارّة القيظ ، وقر الشتاء ، وتضفي على الجالس بين أروقتها راحة النفس ، ونشوة البحث ، الذي لا يجده في كثير من نظيراتها . ناهيك عن دوامها الذي يبدأ من الساعة الثامنة صباحا حتى السابعة مساء، وعلى مدار الحول ، وهذا الدوام لا تراه في مكتبات الجامعات الأردنية قاطبة ، باستثناء الجامعة الأردنية الأم .
وإذا ما طوينا صفحة مكتبتها، ويممنا شطرنا صوب ساحاتها التي تعج بطلبتها من شتى المنابت والأصول . تشعر أنك بموطن علم يضفي عليه هدوء الطلبة هيبة ووقارا يليقان بسمعة ومكانة المكان ، فلا تسمع لطلبتها في باحاتها ما يثير الصخب أو ما يخل بالأدب ، كما لا تجد لرواسب العشائرية والإقليمية السلبية بينهم متكأ ، كما ديدن بعض الطلبة في غيرها، تلك الرواسب التي لا تليق بسلوك وسمعة طالب جامعي يرتاد منبرا من منابر المعرفة .
وهي بذلك تجسد معنى الفكر المدني و السلوك الحضاري لفلسفة التعليم الجامعي ، ذلك أن هذا المعلم هو منارة علم يجب أن يكون بمنأى عن السلوك الذي لا يليق به . يعزز ذلك كله نظام مراقبة الكتروني يغطي كافة مرافق الجامعة ، وذلك للوقوف على كل من تسول له نفسه العبث بمقدرات الجامعة ومكتسباتها التي وجدت لتبقى خدمة لطلبتنا على مر الأجيال . وليس هذا من باب الدعاية للجامعة ، ولكن من باب تعزيز تلك الجهود والثناء على هذه الانجازات ، وذلك من خلال ما كنت أشاهده وألمسه أثناء ارتيادي لمكتبتها باحثا ، على مدار حولين كاملين .
لمثل هذا الصرح العلمي والحضاري الأردني المتميز ، ولجهود القائمين عليه ، ولجنوده المجهولين ، نقف وقفة احترام وتقدير.