عاجل
0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

غزة ليست حماس فقط!

هذه المرة الاولى في تاريخ الصراع الفلسطيني الاسرائيلي التي يقف فيها النظام العربي علنا على ( الحياد) ،صحيح ان المواقف العربية الرسمية تجاه أي عدوان اسرائيلي على الفلسطينيين فيما مضى لم تكن منحازة تماما للجانب الفلسطيني، سواء بسبب (برودة) العلاقات أو بسبب ( الضغوط) الخارجية او الحسابات السياسية المتناقضة، لكن الصحيح أيضا هو أن أي عاصمة عربية لم تكن تجرؤ على اشهار انتقاداتها للفلسطينيين او على اعتبار العدوان ضدهم مجرد ( عنف متبادل) كما حصل هذه المرة.
وربما تكون المرة الاولى- ايضا- التي تخرج فيها أصوات من داخل بعض المجتمعات العربية للتحريض ضد الفلسطينيين الذين يتعرضون لحرب بشعة راح ضحيتها حتى الآن أكثر من (1500) شهيد و مصاب، لدرجة ان بعض هؤلاء دعا علانية الى ( التخلص من حماس) فيما حمل آخرون مسؤولية العدوان على ( المقاومة) أو اتهموها بانها انجرت الى ( الفخ) الاسرائيلي، ووصل التحريض الى درجة الابتهاج بأن هذا العدوان فرصة (للتخلص من الطرفين) حماس واسرائيل معا.
حين ندقق في خطاب ( الحياد) الرسمي نجد أن الطرف العربي بعد التحولات التي شهدناها في السنوات الماضية ( استقال) تماما من القضية الفلسطينية،و سواء أكانت الدوافع متعلقة ( بالانشغال) الداخلي أو بمحاولة كسب الرضا ( الغربي) و الاسرائيلي تحديدا، أو بمحاولة ( التغطية) على الشرعية التي حصل عليها بدعم خارجي او بسبب الانخراط في ( الحرب) ضد الارهاب الاسلامي الذي أصبح ( العدو) الاول لأنظمة ما بعد ( الثورات)، فإن النتيجة هي اعتبار أي فعل شعبي، سواء أكان احتجاجا أو ردّا للعدوان، عمل عدائي يستوجب الرفض أو المواجهة أو الحياد في أحسن الاحوال.
على طرف النخب التي خرجت من ( الربيع) العربي مجروحة في مصداقيتها، فإن موقفها من العدوان على غزة ، ينسجم تماما من موقفها اتجاه ( المجتمع) ومطالبه، و الثورات واستحقاقاتها، فتحت عنوان ( الكراهية) و التحريض على ( الاسلاميين) انساقت الى المربع ( الرسمي)، وأصبحت جزءا منه، وهي بالتالي لم تفرق بين رفضها لتجربة الاخوان في الحكم وبين حق الفلسطينيين في     ( المقاومة) وردّ العدوان.
  إذن ، العدوان الاسرائيلي على غزة جاء في سياق جولة ( اجهاض) الثورات العربية، وبالتالي فهو جزء من هذه الموجة وظهير لها، أو انه – على الاقل- يتقاطع مع اهدافها واستراتيجياتها، وخاصة فيما يتعلق باستهداف ( الاسلاميين) و الصاق الارهاب بهم ومحاولة محاصرتهم وتأديبهم واقصائهم، واذا كانت هذه المهمة قد تم انجازها على صعيد الداخل العربي من قبل الحكومات ، فإن لتل أبيب ( حصة) فيها وها هي تقوم بها ، كما ان للدول الغربية دور قادم في هذا المجال.
المشكلة هنا ان الذين انخرطوا في هذه ( الوظيفة) سواء بذريعة الحسابات السياسية الخاطئة، أو بدعوى ( الكراهية) التي جرى الترويج لها لتكسير ارادة المجتمعات وتخويفها من نفسها، هؤلاء على الطرفين اختزلوا ( فلسطين) وقضيتها الكبرى في ( غزة) كما اختزلوا ( غزة) في ( حماس)، وكأن العدوان الاسرائيلي موّجه أصلا ضد (حماس) وليس ضد الشعب الفلسطيني و المدنيين الابرياء في غزة.
ومن المفارقات – هنا- ان تعاطف العالم مع أهل غزة كان لحسابات انسانية محضة، فالمستهدف هنا هو ( الانسان) بغض النظر عن جنسه او دينه، فيما تجاهل اخواننا الذين صفقوا للعدوان هذه القيم الانسانية، وانحطت اخلاقهم لدرجة أنهم اعتبروا ان العدوان ( فضيلة) مادام انه يستهدف حماس، ربما ليس حبا في العداون ومن قام به وانما بسبب كراهيتهم ( للإخوان المسلمين) و لحماس التي حشروها في زاوية الخصومة ايضا.
كان يمكن لبعض الانظمة العربية التي تسعى الى تثبيت ( شرعيتها) ان تتصالح مع شعوبها من خلال ( الانحياز) ضد العدوان الاسرائيلي ودعم غزة ومقاومتها الباسلة، لكن يبدو أن ( للتاريخ) حسابات اخرى، فمن قال ان اسرائيل ستنجح في ( تأديب) غزة وأهلها ومقاومتها؟ أليس ما يحدث اليوم هو العكس تماما، أليست صورة ( تل أبيب) وغيرها من المدن الاسرائيلية التي تحولت شوارعها الى ( اشباح) دليل على ان كلمة الشعوب هي العليا… وكلمة المعتدين ومن انحاز اليهم هي السفلى…ألم تنهض غزة بعد الاجتياح في 2009-2008 من تحت الرماد، وهي الآن ستخرج اقوى …مهما كان الثمن التي تدفعه ولكن من يعتبر؟؟