الإعلام التفاعلي .. وخاصيَّة الرَّد
وكالة الناس – إن التطورات الكبيرة والمتسارعة الحاصلة في الإعلام اليوم، يمكن وصفها حقيقة بالنقلة النوعية، حيث انتقل الإعلام بفضل ثورة الاتصالات أولاً، والثورة الرقمية ثانياً، إلى فضاء فني ومعرفي واجتماعي وتفاعلي مذهل، جعله يتجاوز المكان والحدود والرقيب، ويصلنا بأسرع وقت ممكن، ليكون بكل إنتاجه المكتوب والمسموع والمرئي بين أيدينا أولاً، وتحت نقدنا وتقييمنا ثانياً.
كان الإعلام بالأمس يجد صعوبة في الوصول إلى المتلقي الذي كان بدوره يلاقي صعوبة في التعليق أو التعقيب أو النقد أو الرد على ما يُعرض له، ليجد نفسه فجأة وبفضل التطورات التقنية والرقمية الأخيرة، قادراً وبلحظات على التفاعل مع كل ما يُقدّم له، بينما كان يحتاج سابقاً إلى أيام وأسابيع وربما أشهر حتى يعلّق على مقال صحفي مثلاً، وإن تم ذلك، فيكون بطريقة تقليدية عن طريق البريد أو مكتب الصحيفة، إن وجد ذلك اهتماماً أو اقتناعاً أصلاً من قبل الوسيلة الإعلامية.
أما اليوم، فقد تم تجاوز العوائق المكانية والرقابية، ولم تعد بحاجة إلى موافقة الإعلام للسماح لك بالرد، حتى إن القارئ يستطيع ذلك قبل صدور النسخة الورقية من الصحيفة، حيث تتاح النسخة الإلكترونية عادة قبل الورقية بساعات.
وبالتالي، فقد كان لهذا الأمر أثره على تطور الكتابة نفسها، فما يُقدم اليوم أو يُكتب، يخضع لمراقبة القراء والمجتمع ونقدهم، فمعظم الكتاب والإعلاميين والناشرين أصبحوا يتوخون الدقة والحذر والحرص إلى حد ما على تقديم المعلومات والبيانات الصحيحة والعرض الموضوعي للقصة، وفي حين يُقدّم الكاتب وجهة نظر معينة للقضية، يعطي القراء والمتابعون والمعلّقون من خلال خاصية الرد عشرات الآراء، ووجهات النظر المختلفة والمتنوعة حولها، ما يمنح الموضوع إثراء أكبر والكاتب آفاقاً أخرى لم يكن يراها.
وبسبب الإعلام التفاعلي والرقابة المجتمعية الإلكترونية، قد يضطر الكتّاب والإعلاميون وغيرهم إلى تعديل ما يُقدّم أو توضيح ما يُنشر أو حتى سحب وحذف ما يُثير إشكالاً أو خلافاً أو حساسية بين الناس، وقد يصل الأمر أحياناً إلى اتخاذ إجراءات إدارية أو قانونية مترتبة على ذلك.
نعم، الكتابة الإعلامية بكل أشكالها استفادت اليوم من التطور التكنولوجي الأخير، وانعكس ذلك على حرص بعض المؤسسات الإعلامية وبعض الكتاب على صحة ودقة ما يُعرض ويُكتب، فالجميع تحت الرقابة المجتمعية، وهذه ربما من نتائج وفوائد النقلة التقنية والرقمية الحاصلة اليوم.
كتب. الصحفي / خالد الروسان