ثلاثة ألغام أمام هيئة مكافحة الفساد
غريبة هي إدارتنا لحياتنا، ففي الوقت الذي نشكو ليل نهار من الفساد وممارساته،التي أدت إلى غياب الثقة بين الدولة والناس، إلا اننا نتصرف بشكل مغاير تماما لكلامنا.
نريد محاربة الفساد، وعندما نكتشف فاسدا يمت لي بصلة قربى مباشرة، مثلا فأننا نثور غضبا لان الكلام عن هذا الفاسد يمس سمعة عائلتي، فيصير الفاسد محصنا،هنا، باعتبار ان هناك ملاذا اجتماعيا لن يسكت على اتهامه بالفساد.
كل فاسد هو بالضرورة من عائلة اخرى، غير العائلة التي تغضب لاجل نجلها، وهكذا نبدع بالكلام عن الفاسد،لكننا نعقد ألسنتنا عن الاسماء، فالكل يريد الفاسد، من خارج عائلته.
مع هذا فأن الكلام عن محاربة الفساد الكبير، لايلغي ممارسة اغلبنا لفساد صغير، من الرشوة الى الواسطة مرورا بالمحسوبية، وحتى تجاهل حقوق الناس ،وسرقة الماء او الكهرباء، او البحث عن مقعد جامعي او وظيفة بالواسطة، وغير ذلك من ممارسات.
لنعترف هنا،ان الفساد اذا كان حكراً على الكبار، فقد بات اغلب البقية يمارسونه ايضا بذرائع مختلفة، من تبرير الحاجة مرورا بالاحساس ان العدالة غائبة، وصولا الى اكتشاف بعضنا ان درب الفساد اكثر متعة وفائدة، واسرع من حيث الجدوى والنتيجة.
مناسبة الكلام ،مانسمعه كل فترة من هجوم على دائرة مكافحة الفساد، والهجوم عليها، متواصل ،منذ ان تأسست، البعض يراها منفرة للاستثمار، والبعض يريد ان يقول انها ضعيفة و مقصّرة، وآخرون يسألونها عن الذي انجزته؟!!.
بعضنا يرى انها شوهت سمعة البلد، باعتباره بلدا للفاسدين، والدوافع تختلط هنا،مابين المصلحة العامة، احيانا، وتصفية الحسابات في احيان اخرى، ومابينهما فأن الهيئة تحت مطارق كثيرين، ممن حسنت نواياهم، واولئك الذين يريدون التخلص من دورها.
نائب متمكنة ومحل احترام وتقدير تقترح تشكيل لجنة ثلاثية لمحاربة الفساد تضم البرلمان وديوان المحاسبة وهيئة مكافحة الفساد، واعتقد بصراحة ان نياتها الحسنة لاتكفي هنا، لتبرير هذا الشكل الجديد غير المنتج.