السفارة بين النظام والمعارضة
غادر السفير السوري عمان بعد قرار طرده، والمعارضة السورية تتمنى تسليمها السفارة، أو اعتمادها «ممثلا شرعيا و وحيدا» للشعب السوري في الأردن، باعتبار أن الميقات مناسب.
لا أعتقد أن هناك رغبة بتسليم سفارة الأسد إلى المعارضة السورية من جانب عمان .
إن المؤشرات تقول إن الأردن لا يريد قطع «شعرة معاوية» كليا في الوقت الحالي بين عمان ودمشق، وهذا يفسر تصريحات لمسؤولين قالوا فيها إن الأردن يقبل ترشيح سفير سوري جديد، بدلا عن السفير بهجت سليمان.
على الرغم من أن الكلام يحمل في طياته إشارة الى أن المشكلة هي مع شخص السفير الذي غادر، لا مع دمشق.
إلا أن الأجواء لا تشي بعودة سريعة للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين، ولا المناخ يساعد على استبدال سفير بآخر.
الأردن ليس له سفير حاليا في سورية، والقائم بالأعمال الأردني كان موجودا في الاردن ساعة صدور قرار طرد السفير السوري، وخارجية دمشق طلبت من السفارة الاردنية في سورية أن تبلغ القائم بالأعمال الأردني لديها ألا يعود الى دمشق، وهذا يعني طرد بشكل آخر، ردا على خطوة طرد الاردن لسفيرهم.
معنى الكلام ان الأردن لن يرشح حتى اللحظة لا سفيرا ولا قائما بالأعمال الى دمشق، وسيكون لحظتها مستحيلا ان ترشِّح دمشق سفيرا جديدا، بدلا عن بهجت سليمان.
إذا افترضنا أن السوريين تعمدوا الإحراج لاحقا، ورشحوا سفيرا جديدا، فالأغلب ان طلبه سيتم تعليقه في ظل هذه الأجواء.
طرد السفير السوري في عمان بعد ثلاث سنوات، يعني ما هو أعمق من تجاوزاته أو تصريحاته، فالقرار يعني توطئة لمرحلة اخرى في العلاقات بين البلدين، وقد سبق القرار تصويت الاردن في مجلس الأمن لصالح احالة ملف جرائم الحرب في سورية الى الجنائية الدولية، وهو امر كان الاردن يتجنبه بعد ان فاز بعضوية مجلس الأمن، وكان يعترض اساسا على نقل الازمة السورية من الأمم المتحدة الى مجلس الأمن.
هذا يعني ان التحول نحو مرحلة اكثر تصعيدا مع دمشق الرسمية، بدأ في مجلس الأمن، فيما خطوة طرد السفير كانت الثانية فعليا.
في كل الحالات، فإن الأزمة السورية بظلالها الامنية والاجتماعية والاقتصادية باتت في بعض جوانبها تلقي بظلالها على الاردن، والاردن الذي يحاول تجنّب الكلف، يجد نفسه مرارا امام كلف قد يصح وصفها بالمرة، وهو ايضا غير قادر على تجنبها تماما لاعتبارات داخلية واقليمية ودولية.