حالي حالي حال
أيام زمان كان المعلمون والاساتذة النواة الاولى لحزب البعث في سوريا، وكان معظم هؤلاء من خريجي المدارس والجامعات الفرنسية. من هؤلاء كان زكي الارسوزي الذي كان من اوائل مفكري الحركات القومية العربية التي تآلفت فيما بعد تحت اسم البعث العربي الاشتراكي.
خلال فترة الاحتلال الفرنسي، تخيّلوا الموقف: مفتش المدارس يدخل الى حصّة المعلم زكي الارسوزي، حيث كان يعلم تلاميذه ويبث فيهم افكار ومبادىء الثورة الفرنسية التي من اركانها العدل والحرية والمساواة.
تخيلوا ان المفتش الفرنسي اوقف الارسوزي عن الكلام وحوّله الى لجنة تحقيق قامت بتوبيخه لانه يتجرأ على تدريس ما تعلمه في جامعة السوربون للطلبة العرب. وقالوا له ما معناه بان الثورة الفرنسية ومبادئها لا تهم الان، المهم، فقط، هو مصلحة فرنسا، ومصلحة فرنسا كانت تقتضي بان لا يعرف العربي الخاضع للاستعمار بان الحرية والمساواة والعدالة هي شعارات وأحلام يستحق الحصول عليها.
لقد تعلمنا الدرس لكن اي درس، واي تعليم!؟ تعلمنا، فقط، بان الحرية والعدل والمساواة هي حق للشعب قبل ان نحكمه نحن، وحين نحكمه، نحن، لا يعود الشعب بحاجة الى العدل والحرية والمساواة، حيث يتم تركيز السلطات في ايدينا وتصير الحرية حريتنا في قمع الشعب.
يقال بان عربيا معارضا هرب من وطنه بعد قتل وقمع، كان يعلّق صورة رئيس بلاده مكبرة فوق رأسه. ولما سألوه مستغربين عن السبب وهو المعارض العتليت قال لهم بكل بساطة: -حتى لا اشعر بالحنين الى الوطن!!
ولى زمن الاحتلال الفرنسي والاحتلال الانجليزي، وصار لكل دولة تاريخ للاستقلال ترفع فيه الاعلام وينشدون للوطن الحر المستقل.
انها معاناة مزدوجة وموت مزدوج.
وتلولحي يا دالية
يوسف غيشان