ضحية محيطها….. ليست الأخيرة
طفلة أردنية ذات الأربعة عشر ربيعا تفقد حياتها طعنا بالسكين لا لذنب اقترفته بل لأن قدرها أن تعيش في محيط من المفاهيم الخاطئة والمغايرة للواقع الديني والقانوني بحيث شكلت هذه المفاهيم بيئة داعمه مدت يد العون لشقيقها الجاني الذي انتزع بدوره حقه في مصادرة حياتها ؛فقد تجلت استنتاجاته من البيئة المحيطة أنه القيم الأعلى ليس فقط على تصرفاتها بل أيضا على حياتها ، شقيقها العشريني الذي انتظرت منه منذ ولادتها وبحكم الفارق السني بينهما وبحكم العيش معا تحت سقف واحد انتظرت أن يكون الموجه والحاني والحامي لها من كل مجهول ولم يكن في حسبانها أن يكون الجاني الذي سيوقف دقات قلبها الى الأبد . لا تعتبر هذه الطفلة الأردنية الوحيدة دون نظيراتها التي تعيش في بيئة الأحكام المسبقة والعنف الأسري ولن تكون الأخيرة ولن يقو احدنا على ادعاء العكس بدليل اسبقيات قضايا قتل الإناث من أفراد أسرهن حيث تتكرر جرائم قتل افراد الاسرة من الإناث بداعي الشرف او بداعي سلطة الاقدراو الأقوى مما يحمل في طياته أنواع أخرى من العنف اليومي الذي تباركه مزيد من المفاهيم الخاطئة التي لا تمت لدين سماوي بصلة وهنا وجب التنويه بان ذهنية الدفاع عن الشرف ما زالت تحمل مفاهيم مغايرة للرقي المجتمعي وسيادة القانون. ورغم تسلسل نشاطات مناهضة جرائم بداعي الشرف والعنف الأسري من قبل مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الحكومية بواسطة حملات التوعية والمسيرات التي لم تنقطع منذ عام 1989 ولغاية الآن إلا ان الفهم الخاطيء للقانون ما زال للأسف متداولا بين بعض أفراد المجتمع الأردني لا سيما بين الشباب المبعدين عن الثقافة القانونية الصحيحة وممارسات التوجيه التربوي الإيجابي ؛ ومن هنا وجب التأكيد على بعض الاحكام القانونية الأساسية التي تحيط بجرائم بداعي الشرف أوجرائم العنف الأسري في محاولة للحد من اللغو العام في بيئات تنتقص من الفهم القانوني الصحيح وتسهم أحيانا بتيسيرإرتكاب الجريمة . ولا يمكن اعتبار جريمة إيذاء الشقيق لشقيقته بأي من درجاتها من ضروب التأديب لأن من يملك حق التأديب هم فقط الوالدين او الوصي القانوني المعين من قبل المحكمة أضف إلى ان ضروب التأديب المقبولة قانونا هي فقط الأفعال التي يقصد بها التأديب والتي تراعي أساليب التربية المتعارف عليها وفقا للعرف السائد والنظام العام في وقتنا الحالي ؛ كما تعتبر جريمة القتل بين افراد الأسرة من الجرائم الجنائية التي تختص بها محكمة الجنايات وتخرج عن اختصاص إدارة حماية الأسرة كتدابير إحترازية وتبادل التعهدات وجلسات الإصلاح نظرا لخطورتها حالها كحال الجرائم الجنائية الأخرى التي ترتكب بين افراد الأسرة الواحدة . لقد جعلت احكام قانون العقوبات الأردني عقوبة القتل القصد الأشغال الشاقة لمدة عشرين عاما ؛ ووفقا لنفس القانون لا يعتبر قتل الشقيق لشقيقته جرم يطبق عليه العذر المحل ولا يعفى من العقوبة بداعي إدعائه الدفاع عن الشرف مالم ترتكب شقيقته المجني عليها أي من الاعمال اللاأخلاقية الوخيمة والمحددة بحالات التلبس المحددة قانونا ؛ كما لا يستفيد قاتل شقيقته من العذر القانوني المخفف كالاستفادة من سورة الغضب لان من الشروط القانونية لسورة الغضب ان يأتي المعتدى عليه بفعل غير محق وعلى درجة من الخطورة تذهب إدراك المعتدي وتدهشه عن عقله فالخطورة والفعل غير المحق يقعان لتقدير الهيئة القضائية وفقا للعرف العام ولا يؤخذ هنا بالراي الخاص او المفهوم الخاص بذهنية الجاني التي غالبا ما تنفصل عن الواقع القانوني والواقع المعاش . كما لا يرد قانونا تبرير ما يقترفه القاتل بالدفاع عن النفس او العرض لسبب يعتقد انه مخل بالشرف وفقا لما تمليه عليه بيئته او محيطه كانشاء شقيقته حساب على وسائل التواصل الاجتماعي الشائعه في المجتمع الأردني هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن فعل الدفاع عن العرض يستلزم ارتكاب فعل يهدد عرضه وعلى درجة من الخطورة ولا يعتبر حمل شقيقته لهاتف نقال اعتداء على العرض . هذه اهم الأحكام العامة التي يشيع فيها اللغط بين بعض افراد المجتمع وجب فيها التنويه اضف الى ان حق الأردنيين بالحياة يخضع لأحكام عدم التمييز وعدم التفاضل وفقا للمادة السادسة من الدستور الأردني وعلى قدم المساواة كما كفلته الإتفاقيات الدولية وبشكل أساسي وصريح كفله الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية حيث اكد الأخير أن الحق بالحياة حق ملازم للإنسان مع شجب ضروب التعذيب والمعاملة القاسية .؛ كما ورد في اتفاقية حقوق الطفل والمصادق عليها من قبل الحكومة الأردنية بأن تتعهد الدول الأطراف بأن تضمن للطفل الحماية والرعاية اللازمتين من الأفراد المسؤولين عنهم قانونا وعلى الدولة ان تتخذ تحقيقا لهذا الغرض جميع التدابير التشريعية والإدارية اللازمة لذلك مما يتطلب ذلك بذل الجهد الموحد من مجتمعنا لبتر اللغو المضلل للمسؤولية القانونية .
المحــــامـية مــــرام مـغالســـة