من حجب تويتر في تركيا!؟
اشتعلت ساحات التربص بتركيا بما سمته «حجب موقع تويتر» وطفق المتصيدون بالماء العكر بإخراج كل ما في صدورهم من غيظ على تركيا ونموذجها القاهر، وخصّوا أردوغان بقسط وافر من الهجاء باعتباره ديكتاتورا وقمعيا، وما إلى ذلك من صفات يعلم مطلقوها أنه لم يأت على ظهر دبابة ولم يغتصب مقعد رئيس الوزراء، ولم يعينه أحد، بل جاء بأصوات المنتخبين، وإرادتهم الحرة، وفي الوقت الذي يريدون أن يخلعوه من جذوره لن يمنعهم مانع، وللذكرى فقط، فقد نال أردوغان وحزبه في آخر استفتاء شعبي حر ومباشر على إجراء تعديلات دستورية اقترحها نواب حزبه «نحو 58% من الناخبين» وهي التعديلات التي تتضمن 26 بندا ستحد من سلطات القضاء والجيش، وتمأسس الديمقراطية التركية عبر إعطاء السلطات النافذة نفوذا متساويا.
قرار حظر تويتر، -أو بالأحرى تصعيب الدخول إليه- لم يصدره أردوغان، كحاكم بأمره، كما هو شأن من يتحكمون في كل شيء في حياة شعوبهم، عبر مراسيم وتشريعات شخصية، لا يشارك فيها أحد، بل تصدر على شكل أوامر «دفاع» عرفية، غير خاضعة للنقاش ولا المراجعة ولا المساءلة، بل لها قوة النفاذ اكثر من تشريعات السماء، لأن مُصدريها يتصرفون كآلهة، فهم غير خاضعين لمساءلة «العبيد» ويفعلون ما يشاءون، ويتحكمون بحيوات الرعايا باعتبارهم «تركة» يفعلون بها ما يشاءون، صحيح أن اردوغان تحدث عن منع تويتر في لحظة غضب، ولكنه لا يملك أن يصدر أمرا بمنعه، وما حصل أن محاكم تركية أصدرت قرارا بإغلاق الدخول على موقع تويتر مساء أمس الخميس (20 مارس/ آذار) ووفق جهاز تنظيم الاتصالات التركي (بي.تي.كيه) إن موقع تويتر أغلق بحكم قضائي بعد شكاوى قدمها مواطنون بأن موقع التواصل الاجتماعي ينتهك الخصوصية، علما بأن موقع تويتر تجاهل طلبات سابقة بحذف بعض المحتويات، وأضاف «نظرا لعدم وجود خيار آخر أغلق الدخول على موقع تويتر تمشيا مع قرارات المحكمة بتجنب أي ايذاء محتمل للمواطنين في المستقبل.»
موقع تويتر من جانبه، ومقره سان فرانسيسكو قال ظهر الخميس انه يبحث الامر ولم يصدر بيانا رسميا. لكن الشركة نشرت تدوينة موجهة للمستخدمين الاتراك تبلغهم بكيفية الاستمرار في كتابة تدوينات عن طريق الرسائل النصية، بمعنى آخر، ليس لحد كائنا من كان أن يمنع الناس من حق التعبير عن نفسه، ولكن دون إيذاء أحد، ودون ان ينتهك حريات واعراض الآخرين، وهنا لا بد من كلمة، فمواقع التواصل الاجتماعي ليست «آلهة» تفعل ما تشاء، بل يجب أن تلتزم بقوانين حماية خصوصيات البشر، كيلا تتحول إلى منابر للنهش في اعراضهم، عبر نشر الأكاذيب والفضائح!
وما علمته إن الحومة التركية خاطبت موقع تويتر لحذف الإساءات التي طفح بها، وتشتمل عبر حسابات وهمية على نشر اكاذيب وتسجيلات مفبركة، تسيء إلى كرامة الناس، ولكن موقع تويتر لم يستجب لهذا الطلب، فلجأ المتضررون إلى المحكمة، التي اتخذت بدورها قرار الحجب، مستندة إلى القوانين الوطنية، التي تمثل كرامة وكبرياء تركيا، ولعمري فهو موقف تستحق عليه تركيا الثناء، لا الهجاء!
وعلى العموم، وبحسب تغريدة للكاتب التركي إسماعيل ياشا، على موقع تويتر نفسه، ثمة «أنباء عن تفاهم بين تركيا وإدارة «تويتر».. يفضي بإغلاق الحسابات الوهمية والتعاون في مكافحة الجرائم!