( المركز الإسلامي) في مواجهة نيران صديقة..!
لا يحتاج د.جميل دهيسات رئيس الهيئة المؤقتة لإدارة جمعية المركز الإسلامي الخيرية، شهادة نزاهة واستقامة ،لا مني ولا من اخواننا في جماعة الاخوان المسلمين،واذا كانت شهادتي فيه مجروحة بحكم معرفتي به ،فإن شهادة الجماعة مجروحة ايضا لأنه ما زال احد اعضائها،رغم ان ملفه على طاولة المحاكمة هناك بعد ان انضم الى “زمزم”،لكن الاتهامات التي صدرت ضده تدفعني الى الاشارة لمسألتين، إحداهما ان الذين روجوا لهذه الشائعات ومن يقف وراءها لا يدافعون عن المشروع الخيري الذي تتبناه الجمعية ولا عن الإصلاح الذي يرفعون شعاره وانما يدافعون عن مصالحهم وامتيازاتهم التي سحبت منهم ،وإلا لما سكتوا طيلة السنوات الماضية على ملفات الفساد التي باتت معروفة للجميع ،ولما جهروا بالاساءة الى الرجل والجمعية وهم يعرفون تماما ان ذلك سيلحق الضرر بالاثنين معا لا بل بصورة الجماعة التي ما زال نفوذها الاداري في الجمعية موجودا، أما المسألة الثانية فهي ان هذه الاتهامات تعبر عن “منطق” مثير للسخرية ،اذ كيف يمكن لأحدنا ان يصدق بأن الرئيس تساهل مع أحد أعضاء الهيئة الإدارية، ووافق على إرسال فاتورة له بـ(معجون أسنان ومعجون حلاقة، وفراشي أحذية) إلى الدائرة المالية لصرف ثمنها له وقيمتها 12 دينارا ،وكيف نصدق أن الرئيس وضع يده او سرق مساعدات من الجمعية كالأضاحي والصوبات،وارسلها إلى منزله” او انه استخدم سيارة العمل لزيارة المراكز التابعة للجمعية، ولو صدقنا ذلك فعلا هل يتصور احدنا أن الرجل سيغامر بسمعته وموقعه (على مرأى من اعضاء اللجنة الادارية والموظفين) مقابل فواتيرشراء معجوني اسنان وحلاقة، وحتى -جدلا- لو اخطأ الرجل أليس من المفترض ان يتوجه اليه هؤلاء بالنصيحة بدل ان يجهروا بالسوء وان يقدموا الستر على الفضيحة .
كنت بحاجة لسرد مثل هذه التفاصيل ليدرك القارئ الكريم أن القصة لا تتعلق بالدفاع عن شخص- ايا كانت قناعتي بأنه بريء مما صدر بحقه من اتهامات- وانما تتعلق بالعقلية التي يتبناها البعض في شيطنة خصومهم والإساءة لأنفسهم ومشروعهم ايضا ، في الوقت الذي يحتاجون فيه لمزيد من الاصدقاء لا الأعداء ،فكيف اذا كان المتهم محسوبا عليهم وكيف اذا كانت محنة الشيطنة تلاحقهم بحق أو دون حق،وكيف اذا كان توقيت اشهار مثل هذه الشائعات مفهوما في سياق اقالة احدى قيادات الجماعة من المركز.
قبل اكثر من عام(3-11-2012) قلت في هذه الزاوية إن بعض القيادات في جماعة “الإخوان المسلمين” فوجئت بتعيين د. جميل الدهيسات رئيساً للهيئة المؤقتة لإدارة جمعية المركز الإسلامي الخيرية، وأنه يمكن فهم “المفاجأة” لأن القرار لم يمر في “العبدلي” حيث مقر الجماعة، و د. الدهيسات عاد منذ نحو عام من عمله في الإمارات، ولم يستشر الحركة بمسألة التعيين، كما ان حضوره داخل الجماعة بعد عودته كان محدوداً، وهو محسوب على تيار “الوسط “ وعلاقته مع القيادة الحالية تبدو فاترة.لكن إعادة “الجمعية” التي تشكل العصب الاقتصادي للجماعة بعد ست سنوات على قرار ادارتها حكومياً، تعد –بكل الحسابات- مكسباً للحركة، وإنصافاً لدورها الذي قامت به على مدى نحو خمسين عاماً في رعاية الفقراء والأيتام، وربما ان عدم احتفاء الجماعة بالقرار كما يجب يعود لسببين، احداهما : انه كان مفاجئاً ولم يعط لهم فرصة للتوافق على “مرشح” يختارونه بأنفسهم، والآخر يتعلق بتوقيته ، حيث تخشى بعض القيادات من اعتباره جزءاً من صفقة سياسية تجرح مصداقيتهم في الشارع او تضطرهم –ولو اخلاقياً- الى ردّ التحية بأحسن منها.
الإخوان للأسف نظروا الى القرار من زاوية اخرى، فهم اعتقدوا أن تعيين الدهيسات الذي التحق بزمزم بعد ذلك كان ضربة موجهة لهم ،وأن مهمته لا تتعلق بإدارة الجمعية واصلاحها (وهذ ما بدأ به الرجل فعلا) بل تتعلق بتحرير الجمعية من هيمنتهم على مفاصلها الادارية ،وبالتالي تعاملوا مع الرجل بمنطق الخصومة والتربص وسعوا إلى افشاله في مهمته ،وربما جاءت هذه الاتهامات وغيرها في اطار تشويه صورة الرجل ومنعه من تنفيذ برنامجة، لكن للأسف غاب عن هؤلاء أمران، احدهما: ان الادوات التي استخدمت لتشويه سمعة إدارة الجمعية كانت مكشوفة كما ان المضامين كانت واهية وغير مقنعة، أما الأمر الآخر فهو ان الجماعة خسرت فرصة استثمار وجود شخص محسوب عليها يمكن من خلاله(بالتفاهم والشراكة وحسن النوايا) ان تتم اعادة الجمعية الى مسارها الصحيح وان تتعافى من الأزمات التي أصابتها سواء إبَّان ادارتهم لها او حين وضعت الحكومة يدها عليها ، والازمات هنا ليست سهلة ، والمسؤولون عنها معروفون،وقد أحسن د.الدهبسات حين تصدى لحلها بصمت وستر طوابق لا مصلحة لأحد في (فضحها) ،لا الجمعية ولا الجماعة ولا أكثر من 5 آلاف يتيم وآلاف من الأسر الفقيرة التي تستفيد من خدمات المركز.
حين انحاز د. الدهيسات الى زمزم قلت مرارا إن هذه الفكرة لا مستقبل لها لأنني ضد خلخلة الجماعة وضد اي انشقاق عنها ، وحين أحالت الجماعة ثلاث قيادات من زمزم الى المحكمة نصحت اخواننا بألا يقعوا في مثل هذا الخطأ القاتل، أما الآن فإنني لا اتردد بإدانة مثل هذه الاتهامات التي انطلقت ضد رجل كل ما فعله انه حاول واجتهد لإصلاح ما وجده من فساد (وهي تركة ثقيلة للأسف) ، لا يهم أين اخطأ او اصاب لكن المهم ان نرد عليه التحية بمثلها لا أن نواجهه بمنطق الكراهية والشماته وتصفية الحسابات ، الذي لا يليق ان يصدر ممن يقف على ارضية مشروع خيري او عمل دعوي او انساني(دعك من انه اسلامي) ،او ممن يمر اليوم في محنة الاستهداف والتشويه والحصار ويشكو من الظلم وعدم الانصاف ،ويحتاج لمن يقف معه وينتصر لمبادئة لا من المحسوبين عليه فقط بل مع المتعاطفين مع مشروعه ايضا، وفهمكم كفاية.