الثابت الوحيد هو المتحرك
أيام زمان كانت الأشياء ثابتة، أو بطيئة الحركة على الأقل، بحيث كانت تستهلك عمرا بأكمله أو أعمارا، ثم شرعت في التسارع البطيء ، ثم صارت تركض وتركض، حتى سبقتنا ، وخلفتنا وراءها نلهث منهكين.
ايام زمان كان صندوق العجايب ومطحنة الشرايط وماكنات طحن القهوة اليدوية وعصارات البندورة والمصاص اللي بوسطيه تعريفه، وكانت المرجعيات المتنوعة، من الأب والأم الى المعلمة والمعلم وكاهن الرعية أو الشيخ والمختار وحكماء العائلة وشيخ العشيرة ..وخلافه و و و و .
جاء التلفزيون الأبيض والأسود وحمل بعض بعض التسارع، حتى تغيرت التقنيات في اقل من عقد، ثم تسارعت وتسارعت، حتى صارت تدور حولنا وتلاعبنا (طاق طاق طاقية ..رن رن يا جرس) دون ان نستطيع لمسها.
لا انتوي هنا ان أعدد لكم الابتكارات والتسارعات التي جعلت من افضل ابتكار لا يزيد عمره عن ستة اشهر، ثم يجيء من يزيحه ويحل محله لستة اشهر اخرى. هذه ابتكارات تعرفونها اكثر مني، وربما تتغير آخر الابتكارات خلال الفترة الفاصلة بين كتابة المقال ونشره.
هذا التسارع أدى الى الغاء المرجعيات، أو تحديد دورها على الأقل، والمشكلة أن هذه المرجعيات لا تعرف أن دورها قد انتهى، كما يعرف تطبيق اندروميد أو ال اس ام اس مثلا. فيستمرون في نقل خبراتهم بذات الطرق القديمة عن طريق التعليم والتلقين والنصح والموعظة الحسنة.
القديم انتهى، والجديد لم يولد بعد، والثابت الوحيد هو المتغير والمتحرك، وما يزال الجميع، من اقصى اليمين الى ادنى اليسار، ومن جماعات الحكومات المتصارعة الى فصائل المعارضة المتعارضة .. ما زالوا جميعا يحاولون توجيه جيل الشباب على طريقة نصائح لقمان الحكيم الى ولده..وما حدا فاهم على حدا.
وتلولحي يا دالية