فشخرات سوق عكاظ
نحن خلطة غريبة عجيبة، ما ان اعلنت نتائج التوجيهي حتى انهمر الرصاص يمخر غباب السماء احتفالا واحتفاء، وها نحن نتحول من اباء فرحين الى قتلة عشوائيين ، لسنا قتلة ماجورين بل قتلة بدون أجر. العيب اننا نشكو الطفر لكننا نهدر مئات والاف الدنانير فجأة لوجه القرد.
..إننا خلطة مذهلة من العناصر المتناقضة التي تتعايش مع بعضها مشكّلة ، من يسمى بحضرة جنابي وجناب أي واحد منكم من أبناء عدنان وغسان وقيس ويمن، ومن لف لفهم في الضفتين والبرازيل.
بشكل عام، تشكل قناعات كل جيل مشكلة ، لا بل منظومة من المشاكل، للجيل التالي وربما للأجيال التالية ، اذا فشل الجيل الأول في التخلص من متطلباتها التي تعيق عملية التنمية بكافة جوانبها. أما نحن …اقصد جيلنا او اجيالنا من أولئك الذين تجاوزوا الخمسين سنة بصعوبة غير بالغة، فقد حملنا جميع ما تبقى من المشاكل التي تركتها لنا الأجيال السابقة ، من أول اعرابي اعتلى ناقة على هذه الأرض الى اخر اعرابي اشترى آخر صرعة من جهاز ال(اي باد).
حملنا جميع ما فشلت الأجيال السابقة في التخلص منه من عقد وتعقيدات، وتحولت هذه بفعل الزمن الى قيم وعادات وتقاليد ، وصارت جزءا من نسيجنا الاجتماعي ومن مفاهيمنا ووجهة نظرنا في الحياة بشكل عام.
نحن حملنا جميع فشخرات العربي ، منذ ذلك الرجل الذي مد رجله في سوق عكاظ وتحدى من يجرؤ على قطعها ، الى ان مر من عنده من هو اكثر فشخرة منه ، ف(عزت نفسه) عليه ان يترك قدم الرجل ممدودة في طريقه فقطعها، بلا هوادة. حملنا الفشخرات من ذلك الرجل مرورا بإنشاء الإمبراطورية العربية و (العرب خير أمة…) و (..بني الأصفر الممراض…) و (نحن اعرب الناس…..)، وليس انتهاء بمنظومة قيم الدولة العثمانية.
منظومة قيم الدولة العثمانية ، لم تنته مع انحسارها، بل بقيت هذه القيم التي نعرفها جميعا ونتمثلها جميعا وإن شذ بعضنا عنها قليلا ثم عاد ..من هذه القيم ، بدون استكمال ، لأنكم تحفظونها عن ظهر قلب وبطن وحنجرة:
– امشي الحيط الحيط….
– الكف ما بتناطح مخرز…
– اللي بتجوز امي…..
الذي يعجبني ويفرحني ان الجيل الحالي ..ضرب بكل هذه الموروثات عرض الحائط ، وها هو من المحيط الى الخليج ومن الخليج الى المحيط الى الخليج، يغتسل ويغسل وجه التاريخ من كل ما علق به من أوضار وأوساخ.