صلابة الملك في قضايا مفصلية يربك اليمين الإسرائيلي وينهي عام 2019 على توتر
وكالة الناس – يُطل عام 2020 على وقع علاقات أردنية إسرائيلية غير مسبوقة من التوتر تزامنت مع أحداث مفصلية مرت بها المملكة، شكّل فيها تصميم جلالة الملك عبداالله الثاني وإصراره على اتخاذ مواقف صارمة، لا تقدر بثمن مهما كلف الآمر، ودفع الملك لوصف العلاقة مع اسرائيل في العام2019 الذي يوشك على الانتهاء، بدا مبكرا، بأنه عام لن يكون سهلا، وأحدثتعقب تسلمه جائزة «رجل الدولة- الباحث» لعام 2019 ،بأنها » في أسوأ حالاتها الآن». قضايا عديدة، تغييرا في ملامح العلاقات مع إسرائيل، منها إنهاء الاتفاق الخاص حول أراض في منطقتي الغمر الباقورة، والإفراج عن المواطنين هبه اللبدي و عبد الرحمن مرعي، ولاءات الملك الثلاث، أظهرت إرادة سياسية حاسمة للتغيير، بسبب تعنت اليمين الإسرائيلي فيما يتعلق بعملية السلام. عودة الغمر والباقورة في نهاية تشرين الاول من عام 2018 أعلن الملك عزمه، عدم تجديد ملحقي «الغمر و الباقورة» في اتفاقية السلام مع إسرائيل. وفي مطلب شعبي تلاقى معه موقف ملكي غاضب أيضا من السياسات الإسرائيلية، ازدادت «محنة» رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو- الباحث آنذاك وحتى الان عن تشكيل الحكومة-، ليعلن الملك، في العاشر من تشرين الثاني الماضي، خلال افتتاحه، الدورية العادية الأخيرة لمجلس الآمة وهو ذات اليوم الذي ينتهي به العمل رسميا بالملحقين، فرض السيادة الأردنية على المنطقتين، بعد 25 عاما من الانتفاع الإسرائيلي بها، وفقا لما نصت عليه اتفاقية السلام عام 1994. ويقول النائب نبيل غيشان «كان التصميم الملكي في عدم تجديد الاتفاق هو التزام أخلاقي بالدرجة الأولى»، مضيفا أن الملك ورث اتفاقية السلام التي تسمح للاسرائيليين بالانتفاع من المنطقتين لمدة 25 عاما، وحتى لو كان الملك الراحل الحسين على قيد الحياة، لم يكن ليقبل تمديد هذا الانتفاع ولو لساعة واحدة. ويزيد» قرار الملك بعدم تجديد ملحقي الغمر والباقورة، لا يقل أهمية عن قرار تعريب قيادة الجيش، وهو قرار سيدخل التاريخ الأردني ويشار له بالبنان بعد عشرات السنين». واوضح الغيشان، انه بإعلان الملك فرض سيادتنا الكاملة على منطقتي الغمر والباقورة، سبقه بأيام، إغلاق البوّابات في وَجه المزارعين الإسرائيليين، وتزامن الإعلان مع رفع العلم الأردني، وتثبيت خارطة المملكة الجغرافية من جديد، ما يعني إنهاء أي تدخل إسرائيلي بأراضيه وقوانينه الخاصة، وانتفاء مبررات المعاملة الخاصة. ويرى النائب الأسبق جميل النمري، أن العام 2019 سينتهي على وقع أسوأ حالة للعلاقات الأردنية مع إسرائيل، وسيكون صفعة قوية للحكومة الاسرائيلية ويقول «إن العلاقات في أسوأ حالاتها وفق تقارير صحفية دولية واعترافات إسرائيلية ومن قبلها تصريح للملك لوسائل إعلام أميركية»، مفسرا ذلك أنه نتيجة اتخاذ الملك لمواقف صارمة وحاسمة في أكثر من مناسبة، وخصوصا إزاء الاعتداءات على المسجد الأقصى، والتوسع الاستيطاني واعتقالات لأردنيين وإنهاء ملحقي الغمر والباقورة. ويضيف النمري، إن الاحتفال باستعادة الغمر والباقورة، ليس في الواقع احتفالا بتحرير أراض من الاحتلال الإسرائيلي، وإنما احتفال بموقف سياسي وطني بإنهاء العمل باتفاقية كانت عنوانا لحسن النوايا رافق معاهدة وادي عربة. ويزيد النمري «إن الإعلان الملكي بإنهاء العمل بملحقي الباقورة والغمر، تبعا خطوات هامة أخرى تمثلت بزيارة جلالته وولي العهد الأمير الحسين، الباقورة، بعد يوم من فرض السيادة الأردنية عليها، وبعدها رافقه ولي العهد أيضا، وأديا الصلاة داخل منطقة الغمر، وهو ما يعكس تلاقي المطلب الشعبي بإنهاء الملحقين، مع الموقف الرسمي الغاضب من السياسات الإسرائيلية. الإفراج عن اللبدي ومرعي في الوقت الذي كان الحديث، يتفاعل حول تمديد المملكة أم لا لانتفاع الاسرائيليين بالغمر والباقورة، شهدت العلاقات الأردنية الإسرائيلية توترا ملحوظا، بسبب الإصرار الملكي ذاته على عودة المواطنين الأردنيين اللذين اعتقلتهما السلطات الإسرائيلية وهما هبة اللبدي وعبدالرحمن مرعي إلى وطنهما سالمين. فجاء السادس من تشرين الثاني الماضي حتى تكللت الجهود الملكية بالنجاح في حمل الجانب الإسرائيلي على الإفراج عن المواطنيّن، بعد احتجازهما لعدة أسابيع، نهاية شهر آب وبداية شهر أيلول على جسر الملك حسين، أثناء توجههما للضفة الغربيّة، لحضور مناسبات اجتماعيّة، فأثمرت التعليمات الصارمة من الملك للحكومة ووزارة الخارجية، باتخاذ كل ما يلزم من خطوات لإعادتهما سالمين مهما كلف الأمر. ويرى غيشان، أن قضية اللبدي ومرعي كانت نوعا من الاستفزازات الإسرائيلية التي جاءت في سياق الضغط على الأردن، في موضوع الباقورة والغمر، والذي كان قرارا استراتيجيا أردنيا ولم يكن هنالك أي مجال للمساومة عليه، حتى لو اعتقلوا مئات الأردنيين، وما كان الملك ليساوم على الباقورة و الغمر. ويقول «تعليمات الملك الصارمة بعودتهما، رفعت من الندية، مقابل الغطرسة الإسرائيلية. لاءات الملك الثلاث خلال اجتماع عسكري مع قادة الجيش في آذار الماضي، أعاد جلالة الملك التأكيد وهو مرتدٍ زيه العسكري على اللاءات الثلاث الثابتة: لا لضم القدس، لا للاستيطان، لا للوطن البديل، وهذا يعني ان لا تنازل عن الثوابت في هذا الجانب بالرغم من الضغوطات الإقليمية والدولية التي يتعرض لها الأردن، نتيجة تمسكه بالثوابت العروبية تجاه فلسطين، فأزال الملك التشكيك بالموقف الأردني حول هذا الجانب. ويرى غيشان» أن الملك أيقن مبكرا أن حكومة المستوطنين في «إسرائيل»، ذاهبة باتجاه «نقض» معاهدة السلام وكل الاتفاقات الدولية والإقليمية التي تمت منذ توقيع اتفاق أوسلو إلى اليوم، فيما الإدارة الأمريكية الحالية تتماهى في دعم حكومة «المستوطنين»، وتوافق على طلباتها، ابتداء من صفقة القرن، ومرورا بالجولان وبناء المستوطنات، وحتى في موضوع ضم غور الأردن الذي يتم الحديث عنه الآن»، مشيرا إلى أن لاءات الملك الثلاث، جاءت بعد أن حاول البعض التشكيك بمواقف الأردن القومية والعروبية، الذي لا مساومة عليه». ويقول «هنالك استنكاف إسرائيلي، وتراجع عن معاهدة السلام، ولم يعد في قاموسهم قيام دولة فلسطينية أو شبه دولة، خاصة وأنهم لم يعودوا يؤمنون باتفاقية السلام التي وقعها الملك الراحل الحسين ورابين في عام 1994 ،فهم يريدون فقط كيانا فلسطينيا ذليلا تابعا لهم برا وجوا وبحرا». الكلمات الحاسمة التي تحدى بها الملك إسرائيل وداعمها الرئيسي الولايات المتحدة الأميركية، يراها النمري، أنها كانت محطة سياسية فارقة، وضعت الأردن وإسرائيل على طرفي نقيض. ويقول النمري » اللاءات الملكية الثلاث، كانت جوابا على صفقة القرن، مضيفا ان نتنياهو بات يائسا من الأردن، ولذلك يترك العنان للأصوات المعادية تجاه المملكة، ويعمل على مد جسور العلاقة مع دول عربية غير مجاورة، تعويضا واستعراضا أمام الرأي العام، الذي يلاحظ فشله مع الأردن». الراي – ريم الرواشدة