يا عمّي!!
لم يكن يعتقد أن “زعل” زوجته في بيت أهلها سيطول كل هذه المدة ، فقياساً بمناوشات سابقة كانت تقضي يوماً أو يومين على الأكثر ثم تعود إليه معزّزة مكرّمة دون جاهات أو وساطات بعد أن يتناسى كل منهما خطأ الآخر..
لكن يبدو هذه المرّة الوضع مختلف ، فالمدّة قد طالت والقلوب ران عليها الجفاء والقسوة ، لذا بدأ الشاب “يحوص ويلوص” في قاع الدار باحثاً عن حلّ يعيد إليه زوجته دون أن يسرف في الكثير من كرامته ، إلى أن تذكّر “ختيار” من أقاربه ، على البركة، غالباً لا يهشّ ولا ينشّ ، إذا طلب لا يُلبّى وإذا تكلّم لا يُسمع له..زاره على غفلة، ثم طلب منه أن يقوم بـ”ردّ ” زوجته الزعلانة إليه..سُرّ “الختيار” أيما سرور، لأنه نال فرصة تاريخية في الوجاهة لم يكن يحلم بها طيلة حياته، بعيد المغرب “دوزن” عقاله ، لبس عباءته وطلب من الشاب أن يرافقه الى “دار نسايبه”…
فور وصولهما ، فُتحت لهما المضافة ، وأُشعلت الصوبة على ثلاث شعلات، ولم يقصّر النسيب ولا أولاده أو أخوته بالترحاب، لا بل في مراحل ما قد بالغ فيها والد الزعلانة أكثر مما يجب إكراما للختيار..المهم حضرت القهوة ، صبّ صاحب الدار فنجاناً للضيف..ولأنه جديد ع الصنعة ، كاد الأخير بدوره أن يرشف القهوة عن نفس واحد ، لولا انه تذكّر في اللحظة الأخيرة قدومه بحاجة، فأعاد الفنجان الى مكانه..ثم تزحزح من مطرحه قائلاً:
الدنيا مسا الله يمسكيوا بالخير..(يا عمّي) الصلح خير…(يا عمّي) البنت لازم ترجع لجوزها..(يا عمّي) المرة ما إلها إلا دارها..ومع كل عبارة (يا عمّي) كان ينط من مكانه ويرفع صوته…وعندما حضّر لجملة جديدة مسبوقة بــ(يا عمّي) أحدث “الختيار” صوتاً معيباً ..سكت على أثره تماماً ولم يوف عبارته..نظر في وجوه الحاضرين فوجدهم مندهشين صامتين ، فقام من مكانه..وضع عباءته على كتفه ومضى دون أن يستأذن أو يكمل المهمّة …لحقه الشاب راجياً متوسّلاً (يا عمّي) وين رحت وتركتني..فقال له الختيار : (يا عمّي) حل عنّي مشان الله…إذا (حالي) ما منت عليها..بدك أمون ع الجماعة يرجعوا لك مرتك!!.
حال وفد النظام السوري ووفد المعارضة مثل حال الختيار أعلاه …وجاهة و”طقمشة” وجرأة في الحوار والتفاوض لكن عند الجدّ جميعهم لا يمونون على (….) ، فلا وفد النظام يمون على الأسد ليلزمه بالتنحي او عدم الترشّح..ولا وفد المعارضة يمون على الداخل لوقف القتال في حال تم الاتفاق على شيء…
**
وسيندهش المندهشون عندما تسمع (نتائج) جنيف المعيبة..!.