0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

القوة الناعمة في الإعلام … مـاذا عــن الأردن ؟

يقول جوزيف ناي وهو مساعد سابق لوزير الدفاع الأمريكي:  ليست العبرة في عدد الأعداء الذين تُخضعهم بل في عدد الأصدقاء الذين تكسبهم، إن القوة الناعمة ليست ضعفا بل هي شكل من أشكال القوة، وإن الفشل في دمجها في الاستراتيجية الوطنية يُعد غلطة خطيرة !

تاريخيا، ظهر مصطلح  القوة الناعمة  في بريطانيا أواخر القرن التاسع عشر، وكان ناي هذا من بين من سعوا لبلورة مفهومه وتحديد سماته في العقدين الماضيين، فألف كتابه  The Soft Power  الذي صدر في ترجمته العربية (القوة الناعمة) العام 2007. وقد شاع استخدام المصطلح إبان الحرب الباردة، مقابل تعبير  القوة الخشنة  أو الصلبة  The Hard Power  التي تعني – بشكل أساس – الأخذ بخيار القوة العسكرية سبيلا لحل النزاعات الدولية. وفي مقابل مفهوم ثالث يطلق عليه  القوة الذكية  التي تمزج بينهما، ويركز على البدائل المتاحة لحل المشكلات عن طريق الجاذبية بدلا من الإرغام أو دفع الأموال، حيث بدأ المنظرون في العلوم السياسية والاجتماعية يضيفون على التعبير سمات وأبعادا أخرى تمتد إلى الاقتصاد والدين والثقافة والتعليم والإعلام، وصاروا يفتحون آفاقا متنوعة لكسب الشعوب، كنشر ثقافة الديمقراطية وحقوق الإنسان والمعونات الاقتصادية، ولعل أكثر الأمثلة نجاحا على استخدام القوة الناعمة في بلاد العرب، عدد من القنوات الإعلامية المؤثرة كقناة «العربية «، ومجموعة الـ MBC  ومجموعة روتانا، إضافة إلى قناة «الجزيرة» القطرية، التي لعبت ولم تزل دورا بالغ التأثير في إحداث تأثير جذري في الوطن العربي، خلال السنوات الماضية، فاق في حجمه مجمل «القوى الناعمة» التي استعملها العرب والعجم في بلادنا بأسرها، ويشبه ما تحدثه قناة الجزيرة، حجم تأثير قنوات الـ MBC، كحصان طروادة لإشاعة الثقافة والمدنية الأمريكية، عبر بث كم هائل من الأعمال الفنية والبرامج والأفلام التي تتغلغل قيمها في عقول المشاهدين تغلغلا سرطانيا جاذبا، وإن كان تأثير الجزيرة أكثر عمقا، خاصة مع الدور التي لعبته في تأجيج نيران الربيع العربي!

لقد حققت قناة الجزيرة ما لم تحققه جيوش مدججة بأحدث الأسلحة، ولا مليارات الدولارات التي صرفتها الحكومات العربية على تلفزيوناتها الرسمية، بلا طائل يذكر، ويبدو أن العقل المدبر وراء إنشاء هذه القناة هضم تجارب إذاعات لندن وبرلين الحرة وصوت أميركا، إبان الحرب الباردة، فوظفها في إنجاح هذه القناة التي تعد أهم أداة من أدوات القوة الناعمة في البلاد العربية خلال هذا العصر.. بل إن دولا عظمى كأمريكا وروسيا وبريطانيا وفرنسا استنسخت تجربة الجزيرة، فأسست تلفزيونات الحرة الأمريكية وروسيا اليوم، وتلفزيون البي بي بي سي العربي، وفرانس 24، ويورو نيوز العربية، وأخيرا سكاي نيوز العربية. كما فتحت تجربة الجزيرة شهية دول أخرى، فأطلقت قناة العربية، التي باتت تنافس الجزيرة في حضورها اليومي في حياة العرب!

القوة الناعمة الآن أكثر أهمية وفاعلية من القوة الخشنة، خاصة في البلاد التي لا تستطيع أن تمتلك القوة الخشنة بكامل عظمتها، ويبرز دور القوة الناعمة الآن تحديدا في التعاطي مع حراكات الربيع العربي وتداعياته الكثيرة، ودورها الخطير في توجيهه: تأجيجه أو إخماده، وفي دولة كالأردن، يبرز التساؤل الكبير: أين صناع القرار من استخدام هذه القوة الناعمة، في التعاطي مع مشكلات الأردن، والتحديات التي تواجهه، بالتوازي والتناغم مع ما يسمى «الأمن الخشن أو الناعم» ؟ والجواب بسيط جدا، إذ يكمن الحل في إنشاء قناة فاعلة على مقاس الأردن، بتكاليف لا تذكر، تهضم التجارب السابقة في هذا المجال، وتكون عنوانا دائما للمواطنين الذين يريدون ان يعرفوا ماذا يجري في الأردن، دون أن يهرعوا إلى فتح قناة الجزيرة أو البي بي سي، إذا ما وقع حريق في جبل عمان، أو خرجت مظاهرة في ذيبان، أو حادث سير في المفرق!