الاستفتاء في مصـر بعيون (ليبرالية)..!!
نتيجة الاستفتاء على الدستور، او الانقلاب،- لا فرق – في مصر محسومة سلفا، لكن هذه النتيجة لن تمحو من ذاكرة المصريين ما حدث من وقائع لتمرير وصفة الشرعية التي تعتقد السلطة انها مفتاح الحل للخروج من الازمة التي تحاصرها.
ورغم ان الاعلام المصري -على مدى اكثر من شهر- احتشد خلف (نعم للدستور) الا ان ثمة اعلاميين اخرين على قلتهم كان لهم رأي اخر، ومن المفارقات ان هؤلاء محسوبون على التيار الليبرالي المتهم بالتماهي مع الانقلاب، وانا هنا استأذن القارئ العزيز في اقتباس بعض ما اشاروا اليه، لا لانني اعتقد انهم يعبرون عن المسكوت عنه اعلاميا وسياسيا فقط وانما ايضا لانني لا اريد ان اقع في حمى الاستقطاب في قضية تبدو شأنا داخليا فاهل (القاهرة) ادرى بشعابها ثم ان ثمة دافعا اخر وهو دافع الانصاف لهؤلاء الكتاب الذين خرجو عن معادلات التصنيف التي تجري في بلادنا على اساس (من ليس معي فهو ضدي) فجهروا بما املاه عليهم ضميرهم المهني بلا خوف او تردد.
الكاتب باسم يوسف كتب في الشروق المصرية يقول في مقالة عنوانها (بتعملوها ليه طيب؟ ) “بمناسبة الاستقرار قرأت على مدى الايام الماضية أخبارا اثلجت صدرى. فقد قامت قوات الامن بالقبض على اربعة طلاب فى محافظة المنيا بتهمة تعليق ملصقات لا للدستور ، كما تم القبض على آخرين بتهمة توزيع منشورات لا للدستور فى القاهرة. الحقيقة أن ذلك يعدّ نقلة رائعة فى المسار الديمقراطى الذى نتماشى فيه مع بعضينا . مبدئيا كيف يجرؤ أى شخص على أن يقول لا للدستور؟ فكل القنوات الآن تقول لك أن من يعترض على الدستور هو خائن وعميل. واذا انتشرت ملصقات نعم للدستور بإمضاء ناس بتحب مصر، يبقى لو قلت لأ يبقى اكيد انت مش بتحب مصر. وطبعا خاين وعميل. ومن هذا الذى يجرؤ على أن يضع نفسه فى خانة العملاء؟ واذا ازدحمت خانة العملاء فخانة الكفر مفتوحة دائما. فها هو العالم الجليل يقول لنا انه دستور يرضى الله ورسوله . هو أدرى طبعا، أكيد سأل. وها هم العلماء الأجلاء يفتون بأن من يقول لا فإنه آثم شرعا .ويضيف الكاتب الساخر”أنا لا أفهم كيف تروج لمفهوم الديمقراطية ثم تقبض على من يقول لا للدستور. لماذا اذن طبعنا بطاقات فيها نعم ولا؟ فلنطبع بطاقات عليها نعم ونعمين وعليا الطلاق نعم أفضل”
الكاتبة اهداف سويف تساءلت ايضا” في مقالة عنوانها (شعار المرحلة):ليه فيه إعلانات ضخمة فى كل مكان بتقول نعم للدستور؟ وليه لما شباب بيحاولوا يعرضوا بوسترات لا للدستور بيتقبض عليهم؟ وكانت الاجابة حاضرة لدى الكاتب بلال فضل بمقال ساخر عنوانه (الفاشيين ولاد الفاشية! ) على شكل حوار بينه وبين احد خصوم الاخوان المسلمين حول الدستور، حيث يقارن الكاتب بين عهدين:عهد الاخوان وعهد الانقلاب وموقفهما من اقناع الشعب بالتصويت على الدستور ،ثم يسجل ملاحظته الاخيرة ويقول:”لم يكن أحد وقتها سيصدقك لو قلت إن من سيقول لا للدستور سيتم وصفه بأنه خائن وعميل، ولا أنه بعد أن كان قول (لا) للدستور الإخوانى يذهب بك إلى الجحيم بعد أن تموت، أصبح تعليق لافتة تقول (لا لدستور المحاكمات العسكرية للمدنيين) يذهب بك إلى جحيم السجن قبل أن تموت، ولن ينجيك من المرمطة لو قلت إنك كنت تسهم فى تجميل الديكور الديمقراطى لهذا الاستفتاء الذى كان ينبغى أن نسميه الاستنعام على الدستور، احمد ربنا إنهم سمحوا أصلا بوضع كلمة (لا) أصلا على بطاقات الاستفتاء، ولم يداهموا المطابع الأميرية لأنها تطبع منشورات تحتوى على كلمة لا للدستور، على أية حال، أيا كان ما ستفعله اليوم أو ما ستقوله، أرجوك لا تنس أن تقرأ الفاتحة على أرواح حوالى 2665 قتيلا سقطوا فى عهد عدلي/ السيسي، وتدعو بالشفاء لحوالى 15 ألفا و913 مصابا سقطوا فى نفس العهد (ستجد التفاصيل إن أحببت على موقع ويكى ثورة الذى لولا جهوده لضاعت أسماء الضحايا فى مجارى الأكاذيب الإعلامية)، وتطلب الحرية لكل من اعتقلوا ظلما وزورا ولم يثبت تورطهم فى أعمال إرهابية أو سفك دماء من بين 21 ألف مواطن تم اعتقالهم وملاحقتهم قضائيا، ولا تنس قبل ذلك وبعده أن تفوض أمرك، ولكن هذه المرة إلى الله تعالى، إن الله لا يصلح عمل المفسدين”.
اكتفي بهذه المقتطفات الثلاثة من مقلات كتاب لا تطادهم لعنة الانتساب لجماعة الاخوان المسلمبن( الارهابية) حول الاستفتاء الذي سينتهي اليوم على الدستور في مصر، وهي تكشف بالتأكيد جانبا من الصورة ،لكن اذا سألتني عن رأي فقهاء القانون فيه فلا اجد افضل مما كتبه طارق البشري (وهو ايضا لا ينتسب لجماعة الاخوان) حيث يقول:(سيُدعى الشعب للتصويت على مشروع للدستور مطروح، والعجيب فى الأمر أن لجنة الدستور فى جلستها الأخيرة قد عدلت مواد مشروعها التى تسرى على مؤسسات الدولة التى ستُنشأ بعد الموافقة عليه وفور صدوره، عدلتها لا لتغير من مضمونها المحدد إلى مضمون آخر محدد، ولكنها عدلتها لتتركها على بياض أي حكم غير محدد، بمعنى أنها أفرغتها من مضمونها ومعناها وتركتها على بياض . فصار من سيصوت للدستور لا يعرف متى وكيف سيشكل كل من مجلس النواب ورئاسة الجمهورية، أى لا يعرف متى وكيف ستشكل كل من السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، ولا يعرف ما هى الأحكام والأساليب التى ستشكل بها السلطة التشريعية فى أول تكوين لها بعد صدور الدستور، ولا يعرف هل سيتحدد رئيس الجمهورية ويتولى منصبه قبل تشكيل المجلس النيابى أو بعده. ولا يعرف هل سيكون المجلس النيابى بالانتخاب الفردى أو بالقائمة الجماعية أو الحزبية، ولا بأية نسبة سيكون كل منهما ان اجتمعا، ولا يعرف النسبة التى ستخصص للعمال والفلاحين ولا نسبة ما سيخصص للشباب وللأقباط والمعاقين).انتهى ولا حاجة الى التعليق..!!